كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 1)

سقوط بابل (رؤيا، 18)
ثم يتنبأ يوحنا اللاهوتي ـ اقصد اليهودي ـ بسقوط بابل وما سيحل بها من دمار فيقول: "ثم بعد هذا رأيت ملاكا آخر نازلاً من السماء له سلطان عظيم وصرخ بصوت عظيم سقطت بابل العظمى وصارت مسكناً للشياطين وملاذاً لكل روح نحسه وقفصاً لكل طائر نجس كريه لأنه من خمر غضب زناها شربت جميع الأمم وزنا بها ملوك الأرض، خطاياها وصلت عنان السماء، اسقوها من الكأس التي سقتكم منها وضاعفوا لها ضعفاً لقاء أعمالها، بقدر ذلك أعطوها عذاباً وحزناً. في يوم من الأيام سوف تأتيها الكوارث: الموت والأحزان والمجاعة وسوف تحترق بالنار كلياً، ورفع ملاك جبار حجر رحى عظيمة ورماه في البحر قائلاً: هكذا وبكل عنف سوف يلقى ببابل العظمى حتى لا يعد لها وجود بعد اليوم" (¬1).

كورش وإعادة اليهود المسبيين
لم يتمكن اليهود من العودة إلى القدس إلا بعد أن تمكن كورش الاخمينى من فتح بابل في عام593 ق. م، حيث سار في فتوحاته حتى احتل سوريا وفلسطين ومن ضمنها أورشليم، فسمح لمن أراد من اليهود من أسرى نبوخذ نصر، بالرجوع إلى فلسطين، وأعاد إليهم كنوز الهيكل التي كان قد أخذها نبوخذ نصر وأمر بإعادة بناء الهيكل على نفقة بيت الملك (¬2). وهذا الأمر بدوره يفسر السبب الذي من اجله أسبغ العهد القديم على قورش لقب المسيح رغم أن قورش كان وثنياً. يقول مدون (العهد القديم) أن كورش أطلق نداء في كل مملكته، وكذا بالكتابة قائلاً: "هكذا قال كورش ملك فارس: أن الرب اله السماء قد أعطاني جميع ممالك الأرض، وهو أوصاني بأن ابني له بيتاً في أورشليم، وعلى كل واحد من شعب الرب أن يرجع إلى هناك، وليكن الرب معكم" (سفر الأخبار الثاني 36). ولذلك كان اشعيا يرى في كورش مخلصا اختاره الرب كي يخلص اليهود واعتز به اعظم الاعتزاز ورأى فيه المسيح المنتظر، لهذا عمل اشعيا على إقناع كبار المسبيين بخطة التعاون مع كورش وخيانة بابل
¬_________
(¬1) المسيحية والإسلام والاستشراف ـ محمد فاروق الزين ص243ـ244
(¬2) العرب واليهود في التاريخ: حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الآثارية / بقلم د. أحمد سوسة - ص674 - (سلسلة الكتب الحرية؛ 14) - بغداد، وزارة الاعلام، مديرية الثقافة العامة.

الصفحة 203