كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 1)
تتسم بالروح العدائية ضد الآخر، بل تصل إلى حد التوحد في المعتدى حتى يغدو اليهودي الضحية متوحشاً له ضحاياه يقتل بدل أن يُقتل، ويستعبد بدلاً أن يُستعبد، والهدف الجماعي لعملية التوحد بالمعتدي هو أن يتحول الحمل ذئباً حتى لا يبقى أمامه خطر يخشاه (¬1).
وفي تحليله للشخصية اليهودية المعاصرة، ركز المرحوم مصطفى زيور على انقلاب هذه الشخصية من الاستكانة والذل والاختناق في الغيتوات (حارات اليهود) وبين تحولها إلى الشراسة والارهاب عبر عصابات شتيرن وارغون والهاغاناه وغيرها، ومن ثم عبر اتحاد هذه العصابات لتأليف جيش الدفاع الاسرائيلي. ولا يقصر زيور آلية التوحد بالمعتدي على خريجي المعتقلات النازية. بل هو يرى أن هذه الآلية قد انتشرت كالوباء بين اليهود عبر التعاطف مع الضحايا اليهود. وينهي زيور تحليله بالتقرير بأن ما يجمع بين التجمعات اليهودية الاسرائيلية بالرغم من اختلافها في كل شيء انما يتلخص بهذا التوحد بالمعتدي الذي أتاح لليهود التحول، من المذلة إلى الطغيان، ومن الخنوع إلى السفاحية. لذلك يستنتج المحلل الحاجة الاسرائيلية ـ النفسية لممارسة العدوان. فشخصية المتوحد بالمعتدي تفقد تماسكها إن هي توقفت عن العدوان. لأنه يطمئنها مانعاً تفجر موجات القلق والرعب فيها. وكأن لسان حالها يقول ما دمت أنا المعتدي فلا خوف علي من الارتداد إلى ما كنت عليه، يهودياً تائهاً رعديداً يفتك به الناس في كل مكان. من هنا يمكن استنتاج هشاشة الشخصية الإسرائيلية. وعدم قدرتها على تحمل أي إحباط. كون الإحباط يصيب هذه الشخصية بالتهاوي والتفكك مهدداً بزوال الهوية الزائفة. لذلك فان القادة الاسرائيليين مجبرين على تأمين أفضل مستويات الروح المعنوية ليهودهم (¬2).
وهذا التوحد في المعتدى طغى علي الشخصية اليهودية وأضحي السمة الرئيسية التي تميزها، بحيث يمكن اعتبار التاريخ اليهودي كله ناتج عن هذه السمة.
¬_________
(¬1) الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية / دكتور رشاد الشامي- سلسلة عالم المعرفة - الكويت. يونيو 1986
(¬2) أضواء على المجتمع الاسرائيلي ـ دراسة في التحليل النفسي "- للمرحوم مصطفى زيور-. جريدة الأهرام بتاريخ 8/ 8/1968 - التحليل النفسي للشخصية اليهودية- المركز العربي للدراسات المستقبلية- http://mostakbaliat.com/
الصفحة 222
368