كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 1)
جديد". ثم تستنتج الكاتبة قائلة: "لابد من التسليم بأن المجموعات الاسرائيلية التى كانت تصل إلى فلسطين هى من البدو الرحل ... ولقد اقتبسوا لدى تمركزهم كل ما لدى سابقيهم في هذه الارض من أدوات ووسائل .. إن الثقافة الفلسطينية كانت في جوهرها كنعانية" (¬1).
ويؤكد الأب ديفو على: "ان (الشعب الاسرائيلي) لم يتكون الا بعد استقراره في أرض كنعان". أما المورخ (نوث) في كتابه (تاريخ اسرائيل) فيصل إلى النتيجة نفسها إذ يقول: "إن اتحاد اثنتي عشرة قبيلة في اسرائيل .. لا يبدو ظاهرة ذات أثر إلا بعد أن احتلت هذه القبائل الأرض ذات الثقافة الفلسطينية .. أما تاريخها فلم يبدأ إلا على أرض فلسطين" (¬2).
وهكذا فإن انتصاراتهم التي تحفل بها كتاباتهم المقدسة ليست إلا من قبيل التعويض الأدبي (التأليفي) عن شعورهم بالافتقار إلى ما شهدوه لدى الأمم التي عاشوا بينها من قوة عسكرية وسطوة سياسية. "فبالنظر إلى تاريخ مصر على كثرة ما اكتشف منه، لا يشير إلا لماماً في لمحات إلى القبائل البدوية، بينما تتحدث التوراة بالتفاصيل عن مصر وملوكها ومدنها وطبائع أهلها، مما يشير إلى معرفة واضحة من جانب الإسرائيليين بشئون مصر والمصريين، وهو أمر طبيعي تماماً حيث أن وضع إسرائيل كقبائل هامشية ما كان يشغل حيزاً هاماً في المدونات المصرية، بينما كان المدون الإسرائيلي لا يستطيع أغفال مصر" (¬3).
ومما تقدم يمكننا الآن ان نضع المرحلة العبرية من تاريخ فلسطين في سياقها الصحيح لنرى إلى ما استعارته من الحضاره الاخرى وما قدمته لها. يقول (ديل ميدكو) في كتابه (التوراة الكنعانية المكتشفه في رأس شمرا): "على الرغم من اجتياح البلاد من قبل العبريين ظلت الحضارة الكنعانية هي السائدة حتى سيطرة
¬_________
(¬1) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم - دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر - طبعة 1991 - ص64
(¬2) فلسطين ارض الرسالات السماوية - روجيه جارودي - ترجمة قصي اتاسي- ميشيل واكيم -ص64 - 65
(¬3) رب الزمان - سيد محمود القمني - ص 42 - مكتبة مدبولى الصغير - ط1 1996
الصفحة 228
368