كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 1)

آجلاً، أي خلال أيامه شخصياً وأيام معاصريه (¬1). ولهذا فإن بولس لم يكن ينوي تأسيس ديانة جديدة للأجيال القادمة حتى أن كلمة (المسيحية) لم تظهر في كتاباته ولا مرة واحده، لقد كان همه الأول إنذار البشرية بالنهاية القادمة، وبالعودة الثانية للمسيح.
والمسيح الذي كان ينتظره بولس ويبشر بنزوله، مختلف كلياً عن عيسى المسيح عليه السلام، بل هو مسيح يهودي، محارب من نسل داوود. كتب بولس مبشراً بمجيء المسيح الثاني، وكأنه مجيء داود جديد منتصر: "انه لا بد أن يملك إلى أن يضع جميع أعدائه تحت قدميه" (رسالة إلى أهل كورنته 15ـ25). وهو هنا يرجع إلى مزمور داود (110) الذي يعظم القوة الحربية التي لا هوادة فيها: "الرب يحطم في يوم رجزه ملوكاً .. ملأ جثثاً أرضاً واسعة، سحق رؤوسها" (المزامير110ـ5ـ6) (¬2).
وهنا يجب أن نلاحظ كما يقول جارودى: "إننا لا نجد، لدى الإنجيليين، أي رجوع إلى مذابح السكان الوثنيين أو المشركين، وهى مذابح أوجبها إله قاس (تثنية 20ـ16)، إلا عند بولس الذي يستذكر استئصال الكنعانيين كسابقة تبشر بانتصارات أخري" (13ـ16ـ19). فمثله مثل جده الملحمي، سوف يضع المسيح كل أمراء الأرض عند أقدامه (الرسالة الأولى لكورنثوس 15: 25)، لان مسيح بولس يعود إلى القانون الذي يقضي طبقا لقانون (تاليون)، قانون (العين بالعين)، إنه مسيح الله الذي يثأر ويجد العدل في رد الإيذاء بالإيذاء (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس)، ويقدم بولس دليلاً تاريخياً على قدرة الله، يتمثل في انه بعدما قضى على سبع دول من بلاد كنعان، وزع أراضيهم كميراث (أعمال الرسل 13:19) أنها الفقرة الوحيدة في الأناجيل التي ترد فيها هذه المذابح بوصفها علامات على عناية الله، ومنذ ذلك الحين أسس لاهوت بولس تحت اسم المسيحية، لاهوتا للسيطرة (¬3).
¬_________
(¬1) المسيحية والإسلام والاستشراف - محمد فاروق الزين ص148 - ط 3/ 2002 - دار الفكر المعاصر / بيروت
(¬2) نحو حرب دينية؟ جدل العصر / روجيه جارودى ص185
(¬3) كيف نصنع المستقبل / روجيه جارودي ـ د. منى طلبه ـ ص241

الصفحة 257