كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسَنُّ السُّجُودُ عَلَى أَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ بِأَنْ يُبَاشِرَ بِأَصَابِعِهِمَا الْأَرْضَ وَيَجْعَلَ كَعْبَيْهِ أَعْلَى وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ السُّجُودِ عَلَى ظُهُورِهِمَا وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ، كَمَا يُسَنُّ السُّجُودُ عَلَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْأَوَّلَيْنِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ الَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ سُنَّةٌ اهـ.
وَفِي الثَّالِثِ لِقَوْلِ سَنَدٍ الْأَصَحُّ إعَادَةُ مَنْ تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى يَدَيْهِ اهـ. أَيْ: لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يُعَادُ لِتَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ الْفَرَائِضِ إنَّمَا هُوَ السُّنَنُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ.

(ص) وَرَفْعٌ مِنْهُ (ش) عَاشِرُهَا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا تُتَصَوَّرُ سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَصْلِ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَا اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ فَرْضِيَّةَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ رَأَى أَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَهُمَا هُوَ الِاعْتِدَالُ مِنْ رَفْعِ السُّجُودِ فَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ بِذِكْرِ الِاعْتِدَالِ فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ.

(ص) وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ (ش) حَادِي عَشَرَتِهَا الْجُلُوسُ لِأَجْلِ إيقَاعِ السَّلَامِ فَالْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ الْجُلُوسِ الَّذِي يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ فَرْضٌ وَمَا قَبْلَهُ سُنَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ إيقَاعُ فَرْضٍ فِي سُنَّةٍ بَلْ فِي فَرْضٍ فَلَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَاعْتَدَلَ جَالِسًا وَسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ الْجُلُوسُ هُوَ الْوَاجِبُ وَفَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَلَوْ جَلَسَ ثُمَّ تَشَهَّدَ كَانَ آتِيًا بِالْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ.

(ص) وَسَلَامٌ عُرِّفَ بِأَلْ (ش) ثَانِي عَشَرَتِهَا السَّلَامُ الْمُعَرَّفُ بِأَلْ لَا بِالْإِضَافَةِ كَسَلَامِي أَوْ سَلَامِ اللَّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ لِلْقَادِرِ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَضْدَادِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا؛ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ مَصْحُوبٍ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهَا عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَلَا بُدَّ فِي السَّلَامِ أَنْ يَكُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّكْبَتَيْنِ أَوْ الْيَدَيْنِ عَدَمُ السُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ بَعْضُ سُنَّةٍ.
(قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي رُجُوعٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ قَاعِدَتِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَصَّارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَجْمُوعَ السُّجُودِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ سُنَّةٌ لَا كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقَعُ فِي الذِّهْنِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ سُنَّةٌ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ سُنَّةٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ سَنَدُ الْمُصَنِّفِ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ فَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ عِرَاقِيٌّ وَعِنْدَهُمْ السُّنَّةُ وَالْمُسْتَحَبُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْمَغَارِبَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ سَلَكَ طَرِيقَتَهُمْ.
(قَوْلُهُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ السُّجُودَ عَلَى الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِفَرْضٍ مُطْلَقًا وَقَدْ حَكَمَ بِأَنَّ فِي تَرْكِ السُّجُودِ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ أَيْ فِي الْوَقْتِ وَلَا إعَادَةَ فِي الْمُسْتَحَبِّ فَلْيَكُنْ السُّجُودُ عَلَى ذَلِكَ سُنَّةً عَلَى الْأَصَحِّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إنَّ عِبَارَةَ سَنَدٍ الْأَصَحُّ عَدَمُ الْإِعَادَةِ أَيْ فَلَا تَكُونُ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً بَلْ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ لِلْفَرْضِ السُّنَّةُ.
(ثُمَّ أَقُولُ) سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ تَصِحُّ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يَقُولُوا بِالْإِعَادَةِ أَصْلًا فَذِكْرُ الْإِعَادَةِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مُشْكِلٌ.

(قَوْلُهُ وَرَفْعٌ مِنْهُ) قَالَ عب وَفِي إجْزَاءِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَعَ الرَّفْعِ الْفَرْضِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ اهـ. أَيْ إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ إلَّا أَنَّ شَيْخَنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَدَّ ذَلِكَ، وَقَالَ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.

(قَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهُ سُنَّةٌ إلَخْ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ عَقِبَ التَّشَهُّدِ أَوْ عَقِبَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا سُنَّةٌ وَأَمَّا لَوْ قَدَّرَ أَنَّهُ سَلَّمَ بَعْدَ أَنَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا فَمَا قَبْلَ السَّلَامِ مِنْ الْجُلُوسِ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ تَابِعٌ لِلْمَظْرُوفِ.

(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) فَلَا يَجْزِي مَا نُوِّنَ سَوَاءٌ مَعَ التَّعْرِيفِ أَوْ بِدُونِهِ وَبَعْضُهُمْ يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ وَعَلَّلَ الْفَاكِهَانِيُّ الْبُطْلَانَ بِلَحْنِهِ قَالَ تت وَيَنْبَغِي إجْرَاؤُهُ عَلَى اللَّحَّانِ اهـ. وَمِثْلُ أَلْ أَمْ فِي لُغَةِ حِمْيَرَ وَلَوْ قَدَّمَ عَلَيْكُمْ لَمْ يَجْزِهِ كَمَا إذَا أَسْقَطَ الْمِيمَ مِنْ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ لِلْقَادِرِ) أَيْ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَضْدَادِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا حَكَى الْبَاجِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَأَنْكَرَ نِسْبَتَهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ بَهْرَامَ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا يَخْلُو مِنْ مَصْحُوبٍ) تَوْجِيهٌ لِلْإِتْيَانِ بِالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ وَأَرَادَ جِنْسَ الْمَصْحُوبِ الْمُتَحَقِّقِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَالْمُرَادُ مَصْحُوبٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ تت حَيْثُ قَالَ: إذًا لَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ مَصْحُوبٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ الَّذِينَ لَا يُفَارِقُونَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيَدْخُلُ فِي خِطَابِهِ الْمَلَائِكَةُ أَيْ الْحَفَظَةُ وَمَنْ صَلَّى مَعَهُ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى مَعَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ» .
(ثُمَّ أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُشْتَرَطَةَ إنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَطْ لَا مِنْ حَيْثُ السَّلَامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَلَا عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَحَكَى الزَّنَاتِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ بِحَسَبِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ مِنْ إفْرَادٍ وَتَثْنِيَةٍ وَجَمْعٍ وَتَذْكِيرٍ وَتَأْنِيثٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ لَمْ تَضُرَّهُ) أَيْ لَمْ تَضُرَّهُ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَحْرُمْ وَبَعْدُ هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلْكَرَاهَةِ وَخِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا يَأْتِي بِهِ)

الصفحة 273