كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَظَنَّ أَنَّهَا فَاتَتْهُ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ وَهَرْوَلَ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُكَبِّرًا فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَبَّرَ خَلْفَ الرَّسُولِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَالنَّبِيُّ فِي الرُّكُوعِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُلْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقَالَهَا عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَرْكَعُ بِالتَّكْبِيرِ وَيَرْفَعُ بِهِ» فَصَارَ سُنَّةً مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ بِبَرَكَةِ أَبِي بَكْرٍ.

(ص) وَكُلُّ تَشَهُّدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ تَشَهُّدٍ سُنَّةٌ عَلَى مَا شَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي وَرَدَتْ عَنْ عُمَرَ أَمْ بِغَيْرِهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ، وَسَوَاءٌ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَمَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسَائِلَ اجْتِمَاعِ الْقَضَاءِ وَالْبِنَاءِ فَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِقُصُورِهِ.

(ص) وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُلُوسَ جَمِيعَهُ سُنَّةٌ إلَّا قَدْرَ مَا يُوقَعُ فِيهِ السَّلَامُ مِنْ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ إذْ السَّلَامُ فَرْضٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ وَلَيْسَ مَحَلُّهُ إلَّا الْجُلُوسُ إجْمَاعًا وَمَا لَا يَتِمُّ الْفَرْضُ الْمُطْلَقُ إلَّا بِهِ مِنْ مَقْدُورِ الْمُكَلَّفِ فَهُوَ وَاجِبٌ (ص) وَعَلَى الطُّمَأْنِينَةِ (ش) أَيْ وَالزَّائِدُ عَلَى مِقْدَارِ الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ، وَانْظُرْ مَا قَدْرُ هَذَا الزَّائِدِ فِي حَقِّ الْفَذِّ وَالْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ وَهَلْ هُوَ مُسْتَوٍ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَفِي غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ كَالرَّفْعِ عَنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.

(ص) وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ ثُمَّ يَسَارِهِ وَبِهِ أَحَدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَدَّ الْمَأْمُومِ بَعْدَ تَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ عَلَى إمَامِهِ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ يَخُصُّهُ بِهَا مُشِيرًا بِهَا إلَيْهِ بِقَلْبِهِ لَا بِرَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ إمَامَهُ، ثُمَّ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ إنْ كَانَ بِهِ أَحَدٌ سُنَّةٌ، وَفُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِنَا بِمُدْرِكٍ رَكْعَةً عَدَمُ رَدِّ مَنْ أَدْرَكَ دُونَهَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ إمَامٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ يُسَلِّمُ سَلَامَ الْفَذِّ قَالَهُ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً لَيْسَ بِإِمَامٍ لَهُ وَلِذَا لَا يَسْجُدُ بِسَهْوِهِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ تَسْلِيمُ الْمُقْتَدِي عَلَى إمَامِهِ رَدًّا؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقْصِدُ بِسَلَامَةِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْمَلَائِكَةَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَسَلَامُهُمْ عَلَيْهِ رَدٌّ لِسَلَامِهِ عَلَيْهِمْ وَالْفَذُّ يَقْصِدُ الْخُرُوجَ وَالْمَلَائِكَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الرَّدُّ عَلَى الْإِمَامِ فَرْضًا كَالرَّدِّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ سَلَامِ الْمُصَلِّي الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّحِيَّةُ تَبَعٌ وَلِذَا يُطْلَبُ الرَّدُّ مِنْ الْمَأْمُومِينَ عَلَى إمَامِهِمْ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا السَّلَامَ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ عَلَى إمَامِهِ سَوَاءٌ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ أَوْ انْصَرَفَ مِنْهُ عِنْدَ قِيَامِ الْمَأْمُومِ الْمَسْبُوقِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَسَارِهِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ أَيْ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى مَنْ فِي يَسَارِهِ أَوْ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَبِهِ أَحَدٌ وَاوُ الْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ كَوْنُهُ بِهِ أَيْ فِي يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي أَدْرَكَهُ هَذَا الْمَأْمُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي صِفَةِ صَلَاته كَالصَّبِيِّ وَسَوَاءٌ بَقِيَ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَمِدَك أَيْ اسْتَجِبْ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَهَرْوَلَ) أَيْ بِلَا خَبَبٍ (قَوْلُهُ مُكَبِّرًا فِي الرُّكُوعِ) وَانْظُرْ هَلْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ قُلْت: الرَّفْعُ بِالتَّكْبِيرِ ذِكْرٌ أَيْضًا قُلْت؛ لِأَنَّهَا ذِكْرٌ وَحَثٌّ عَلَى التَّحْمِيدِ وَشُكْرٌ لَهُ يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ كَذَا فِي عب أَيْ بِخِلَافِ اللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهَا ذِكْرٌ وَلَيْسَ فِيهَا حَثٌّ عَلَى التَّحْمِيدِ وَقَوْلُهُ وَشُكْرٌ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ ذِكْرٍ شُكْرٌ فَتَكُونُ مَزِيَّةُ التَّسْمِيعِ بِكَوْنِهِ حَثًّا عَلَى التَّحْمِيدِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَكُلُّ تَشَهُّدٍ سُنَّةٌ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِالتَّشَهُّدِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ تَشَهُّدٍ سُجُودُ السَّهْوِ ك (قَوْلُهُ عَلَى مَا شَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ) وَمُقَابِلُهُ وُجُوبُ الْأَخِيرِ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ الْأَوَّلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ طَلَبُهُ فِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَنِسْيَانِهِ لَهُ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ فَلْيَقُمْ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَكَنِسْيَانِهِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ وَانْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ وَلَوْ تَحَوَّلَ فِيهِ يَسِيرًا.

(قَوْلُهُ وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ) سُنَّةٌ تَاسِعَةٌ وَالزَّائِدُ سُنَّةٌ عَاشِرَةٌ.
(قَوْلُهُ أَنَّ الْجُلُوسَ جَمِيعَهُ) أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ وَغَيْرِهِ سُنَّةٌ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ سُنَّةٌ فَاسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَالِاسْتِثْنَاءُ نَاظِرٌ لِلثَّانِي غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ شَامِلٌ لِجُلُوسِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَلِلدُّعَاءِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ حُكْمَ الظَّرْفِ حُكْمُ الْمَظْرُوفِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْجُلُوسَ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِالسُّنِّيَّةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْجُلُوسَ لِلدُّعَاءِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ مُسْتَحَبٌّ وَلَهُ بَعْدَهُ مَكْرُوهٌ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ سُنَّةٌ إعْطَاءً لِلظَّرْفِ حُكْمَ الْمَظْرُوفِ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَخِيرِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالثَّانِي الْأَخِيرَ فَيَشْمَلُ مَا فِيهِ تَشَهُّدَانِ وَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مَحَلُّهُ إلَّا الْجُلُوسَ) أَيْ بِحَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الشَّرْعِ.
(قَوْلُهُ وَمَا لَا يَتِمُّ الْفَرْضُ الْمُطْلَقُ إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْفَرْضِ الْمُقَيَّدِ وُجُوبُهُ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالزَّكَاةِ وُجُوبُهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى مِلْكِ النِّصَابِ فَلَا يُخَاطَبُ بِحُصُولِهِ.
(قَوْلُهُ كَالرَّفْعِ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ وَفِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي إلَخْ) فَلَوْ أَطَالَ فِيهِ جِدًّا وَأَفْرَطَ بِحَيْثُ يَعْتَقِدُ النَّاظِرُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَكِنْ مَا قَالَهُ فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ مَحْدُودٌ بِأَنْ لَا يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِفِعْلٍ بَعْدَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ كَذَا فِي عج.

(قَوْلُهُ وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ) سُنَّةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَسَارِهِ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ رَدُّهُ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ كَوْنُهُ بِهِ) أَيْ فِي يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَظَاهِرُهُ مُسَامَتَتُهُ لَهُ لَا تَقَدُّمُهُ أَوْ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا قَرُبَ مِنْهُ أَوْ بَعُدَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَرَجُلٍ يُصَلِّي أَوْ كُرْسِيٍّ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي إلَخْ) مُحْتَرَزُهُ مَا إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَهَلْ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ نَظَرًا لِاشْتِرَاكِهِمَا

الصفحة 276