كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

الْأَحَدُ أَوْ انْصَرَفَ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ الرَّادُّ أَوْ لَا سَبَقَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَسَوَاءٌ سَبَقَ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ بِالسَّلَامِ أَوْ تَأَخَّرَ إذْ لَا بُدَّ مِنْ سَلَامِهِ وَلَا يُطْلَبُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ أَنْ يَنْتَظِرَ بِتَسْلِيمِهِ رَدَّهُ فِي سَلَامِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِهِ أَحَدٌ مُطْلَقُ أَحَدٍ عَلَى يَسَارِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِهِ بِهِ بَقَاءَهُ إلَى حِينِ الرَّدِّ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ بَلْ لَوْ كَانَ مَسْبُوقًا وَقَامَ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ حَتَّى ذَهَبَ مَنْ عَلَى يَسَارِهِ فَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ يَتَضَمَّنُ دُعَاءً وَهُوَ تَحِيَّةٌ تَقَدَّمَتْ مِنْهُمْ يَجِبُ رَدُّهَا انْتَهَى وَمُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ التَّأَكُّدُ وَالِاهْتِمَامُ.

(ص) وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ (ش) أَيْ وَمِنْ السُّنَنِ جَهْرُ الْمُصَلِّي إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ لِيُعْلَمَ بِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي بِهَا الرَّدَّ بِخِلَافِ السَّلَامِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ رَدٌّ فَلَا يَسْتَدْعِيهِ فَلَا يُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ الْفَذِّ قَالَ الْحَطَّابُ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ الْآنَ مَنْقُولًا فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَنْ الْجَهْرِ فِي تَسْلِيمِ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمَأْمُومِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِجَهْرِهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَهْرُهَا أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ ظَاهِرُهُ تَسْوِيَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ انْتَهَى أَيْ: فِي الْعَوْدِ أَيْ عَوْدِ السَّلَامِ لَا فِي الْجَهْرِيَّةِ.

(ص) وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَلَّمَ مِنْ إمَامٍ أَوْ فَذٍّ عَلَى الْيَسَارِ عَمْدًا قَاصِدًا التَّحْلِيلَ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ التَّيَامُنَ وَهُوَ فَضِيلَةٌ وَكَذَا لَوْ سَهَا الْمَأْمُومُ عَنْ الْأُولَى وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ بِالثَّانِيَةِ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ عَنْ الْيَسَارِ لِلْفَضْلِ عَامِدًا وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ لِلْأُولَى أَوْ سَاهِيًا يَظُنُّ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرَى أَنَّ تَسْلِيمَةَ الْيَسَارِ فَضِيلَةٌ لَا تُخْرِجُ مِنْ الصَّلَاةِ فَطَالَ الْأَمْرُ قَبْلَ عَوْدِهِ لِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ بَطَلَتْ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَمُقْتَضَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى بِإِمَامٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُسَلِّمَ مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ إذَا سَلَّمَ وَعَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى سَلَّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ سَلَّمَ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ الْمُتَرَتِّبَ مَعَ الْأُولَى يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَذَا تَرَدَّدَ عج.
(أَقُولُ) بَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الظُّهْرِ مَثَلًا وَكَانَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ فَاتَتْ إنْسَانًا لِرُعَافٍ مَثَلًا أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَنْتَظِرَ بِتَسْلِيمِهِ رَدَّهُ) هَكَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِإِضَافَةِ تَسْلِيمٍ إلَى الضَّمِيرِ وَقَوْلُهُ رَدَّهُ مَفْعُولُ يَنْتَظِرَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُ فِي وَرَدَّهُ وَيَقُولُ أَنْ يَنْتَظِرَ بِتَسْلِيمِهِ سَلَامَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الشَّارِحَ تَسَاهَلَ بِعَدَمِ كَتْبِ النُّقْطَتَيْنِ فَتَكُونُ تَسْلِيمَةٌ مُضَافَةً لِرَدِّهِ وَقَوْلُهُ فِي سَلَامِهِ لَفْظُ فِي زَائِدٌ وَسَلَامَهُ مَفْعُولُ يَنْتَظِرُ.
(قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحَالُ كَوْنُهُ بِهِ أَيْ فِي يَسَارِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَ إلَخْ وَالْمَعْطُوفُ عَلَى الْمُفَرَّعِ مُفَرَّعٌ فَأَمَّا الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فَقَدْ عَلِمْت فِيهِ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ وَأَمَّا هَذَا الْمَعْطُوفُ فَالْمُفَرَّعُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَا يَطْلُبُ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ (قَوْلُهُ التَّأَكُّدُ وَالِاهْتِمَامُ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَةَ الرَّدِّ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ بَلْ سُنَّةٌ.

(قَوْلُهُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) وَأَمَّا الْجَهْرِيَّةُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ التَّكْبِيرِ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ السِّرُّ وَالْفَذُّ مِثْلُهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ زَرُّوقٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ نُدِبَ الْجَهْرُ وَتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ حَيْثُ سُنَّ الْجَهْرُ أَنَّ الْأُولَى صَاحَبَتْهَا النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ جَزْمًا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَفِي وُجُوبِ النِّيَّةِ مَعَهَا خِلَافٌ وَأَيْضًا انْضَمَّ إلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ وَالتَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ لِيُعْلَمَ إلَخْ) ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي بِهَا الرَّدَّ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ) وَالْأَفْضَلُ إسْرَارُهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا) أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْإِمَامِ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ آخَرُ فَالْعِلَّةُ الْأُولَى ظَاهِرَةٌ فِيهِ.
(قَوْلُهُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِجَهْرِهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ) هَذَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّ الرَّجُلِ يَكُونُ مَسْبُوقًا فَيَقُومُ لِيَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ عَوْدِ السَّلَامِ) أَيْ الْإِسْرَارِ فِي عَوْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ تت وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ التَّسْوِيَةَ فِي كَوْنِ الرَّدِّ يَكُونُ سِرًّا لَا فِي نَفْسِ الْعَوْدِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التَّحْلِيلَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ فَسَوَاءٌ تَكَلَّمَ أَوْ لَا فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانٌ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ قَالَ عب وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ لَمْ تَبْطُلْ وَالْأَوْلَوِيَّةُ لَا ظُهُورَ لَهَا هُنَا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ يَعْتَقِدُ الْخُرُوجَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ نَاوٍ الْخُرُوجَ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْعِلْمُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا.
(قَوْلُهُ وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ لِلْأُولَى) فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ يَظُنُّ أَنَّهُ سَلَّمَ) أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَلَّمَ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرَى أَيْ يَعْتَقِدُ، وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى أَيْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى وَكَانَ يَرَى أَنَّ تَسْلِيمَةَ الْيَسَارِ وَاجِبَةً تُخْرِجُ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِلْأُولَى وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ سَلَّمَ إلَخْ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ بِالْبُطْلَانِ وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَيْ فَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَجْهٍ وَمَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَجْهٍ وَقَدْ ارْتَضَى كَلَامَ اللَّخْمِيِّ التَّوْضِيحُ وَالشَّارِحُ وَالتَّتَّائِيُّ وَحَلَّ الْحَطَّابُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِوَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ إلَخْ يُرِيدُ أَنَّهُ سَلَّمَ قَاصِدًا التَّحْلِيلَ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ الْفَضِيلَةَ فَتَبْطُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ. أَيْ وَلَمْ يَرْتَضِ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ.
(قَوْلُهُ فَطَالَ الْأَمْرُ) فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ بِأَنْ قَرُبَ لَمْ تَبْطُلْ وَلَيْسَ التَّسْلِيمُ الثَّانِي لِلْفَضِيلَةِ عَلَى الْيَسَارِ كَالْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ تَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَعَلَهُ مَعَ قَصْدِ الْإِتْيَانِ بِتَسْلِيمِهِ التَّحْلِيلِ عَقِبَهُ صَارَ كَمَنْ قَدَّمَ فَضِيلَةً عَلَى فَرْضٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَحَثَ

الصفحة 277