كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَالتَّتَّائِيِّ اعْتِمَادُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ إنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ خَاصٌّ بِالْمَأْمُومِ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ غَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ إلَّا الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ.

(ص) وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ إنْ خَشِيَا مُرُورًا (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ السُّتْرَةَ أَيْ الِاسْتِتَارَ وَلَوْ فِي النَّفْلِ تُسَنُّ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ إنْ خَشِيَ كُلٌّ الْمُرُورَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَخْشَيَا فَلَا يُطْلَبَانِ بِالسُّتْرَةِ وَمَفْهُومُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُطْلَبُ بِالسُّتْرَةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ فَفِي كَلَامِ مَالِكٍ حَذْفُ مُضَافٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ أَوْ مُخْتَلِفٌ فَيَبْقَى كَلَامُ مَالِكٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ كَمَا يَمْتَنِعُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ فِيهِمَا وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُرُورٍ بَيْنَ السُّتْرَةِ وَالْمُصَلِّي وَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ سُتْرَةً لِلصُّفُوفِ كُلِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُمْ فَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ سُتْرَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هِيَ سُتْرَةُ الْإِمَامِ لَا الْإِمَامُ نَفْسُهُ وَقَدْ حَالَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ الْإِمَامُ.
(ص) بِطَاهِرٍ ثَابِتٍ غَيْرِ مُشْغِلٍ (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِسُتْرَةٍ وَأَشَارَ بِهِ إلَى صِفَتِهَا وَأَشَارَ إلَى قَدْرِهَا بِقَوْلِهِ (فِي غِلَظِ رُمْحٍ وَطُولِ ذِرَاعٍ) وَاحْتَرَزَ بِطَاهِرٍ مِنْ النَّجِسِ كَقَنَاةِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهَا وَمِثْلُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (لَا دَابَّةٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْبَغْلُ وَنَحْوُهُ مِمَّا بَوْلُهُ نَجِسٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُحْتَرَزٌ ثَابِتٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُحْتَرَزُهُمَا مَعًا، وَيُكْرَهُ الِاسْتِتَارُ بِالْحَجَرِ الْوَاحِدِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَحَجَرٍ وَاحِدٍ) وَأَمَّا الْأَحْجَارُ فَجَائِزٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَجَرِ الْوَاحِدِ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَلَا يَصْمُدْهُ صَمْدًا وَكَذَا كُلُّ سُتْرَةٍ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَاحْتَرَزَ بِثَابِتٍ مِنْ السَّوْطِ الْجِلْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى الْأَرْضِ كَالْخَطِّ فِي الْأَرْضِ طُولًا أَوْ عَرْضًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَخَطٍّ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQعج بِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِقَصْدِهِ بِهِ الْفَضِيلَةَ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ نَعَمْ لَا يَأْتِي إلَّا إذَا كَانَ خَالِيَ الذِّهْنِ فِي حَالِ سَلَامِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ يَرَى إلَخْ أَيْ يَعْتَقِدُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ الْآنَ خَالِي الذِّهْنِ قَالَ عج: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَلَامِهِ تَحْلِيلًا وَلَا رَدًّا فَإِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَلَّمَ لِلْفَضِيلَةِ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَلَّمَ لِلتَّحْلِيلِ.

(قَوْلُهُ أَيْ الِاسْتِتَارَ) إنَّمَا أَوَّلَ السُّتْرَةَ بِالِاسْتِتَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِطَاهِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَائِنَةً؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى كَوْنِ سُتْرَةٍ بِمَعْنَى الذَّاتِ الْمُسْتَتَرِ بِهَا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي النَّفْلِ) أَيْ أَوْ فِي سُجُودِ سَهْوٍ أَوْ تِلَاوَةٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا صَلَاةٌ (قَوْلُهُ تُسَنُّ لِلْإِمَامِ وَالْفَذِّ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السُّتْرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ وَفَائِدَتُهَا قَبْضُ الْخَوَاطِرِ عَنْ الِانْتِشَارِ وَكَفُّ النَّفْسِ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ مُجْتَمِعًا لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ.
(قَوْلُهُ إنْ خَشِيَ كُلٌّ الْمُرُورَ) أَيْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا لَا وَهْمًا فَلَا يُطْلَبُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُطْلَبُ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ كُلٌّ الْمُرُورَ بِأَنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ لَا يَمُرُّ بِهَا أَحَدٌ أَوْ بِمَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَالْمُرُورُ فِي أَسْفَلِهِ تت.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ) أَيْ خَلْفَ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الصُّفُوفَ يُعْتَبَرُ مَبْدَؤُهَا مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ.
(فَإِنْ قُلْت) الْمَشْيُ بَيْنَ الصَّفِّ الثَّانِي مَثَلًا وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا الْإِمَامُ أَوْ سُتْرَةُ الْإِمَامِ مَشَى بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ وَقَدْ قُلْتُمْ بِجَوَازِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ السُّتْرَةَ لِمَنْ يَلِيهِ سُتْرَةٌ لَهُ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَاجِزٌ سُتْرَةٌ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُرُورُ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَفِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُ هَذَا.
(قَوْلُهُ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِسُتْرَةٍ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ سُتْرَةً بِمَعْنَى الِاسْتِتَارِ.
(قَوْلُهُ فِي غِلَظِ رُمْحٍ إلَخْ) أَيْ إنَّ أَقَلَّ مَا تَكُونُ أَنْ تَكُونَ فِي غِلَظِ رُمْحٍ إلَخْ وَأَوْلَى إذَا كَانَ أَغْلَظَ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْ غِلَظِ رُمْحٍ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَطْلُوبُ، وَقَوْلُهُ وَطُولِ ذِرَاعٍ وَأَوْلَى أَطْوَلُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَحْصُلُ النَّدْبُ.
(قَوْلُهُ كَقَنَاةِ الْبَوْلِ) أَيْ جَعَلَ سُتْرَتَهُ قَنَاةَ بَوْلٍ مُرْتَفِعَةً قَدْرَ طُولِ ذِرَاعٍ فَسَّرَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ مَا بَيْنَ طَرَفِ الْمِرْفَقِ إلَى طَرَفِ الْإِصْبَعِ الْوُسْطَى اهـ.
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْ أَنَّ السُّتْرَةَ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّجُلِ وَهِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) وَهُوَ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ خُلَاصَتُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالدَّابَّةِ الدَّابَّةَ عُرْفًا وَهِيَ الْفَرَسُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ لَا لُغَةً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِظَهْرِ الرَّجُلِ وَيَلْحَقُ بِالدَّابَّةِ عُرْفًا كُلُّ مَا رَجِيعُهُ نَجِسٌ كَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُسْتَتَرُ بِالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ؛ لِأَنَّ أَبْوَالَهَا نَجِسَةٌ بِخِلَافِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُحْتَرَزٌ ثَابِتٌ) هَذَا عَلَى فَرْضِ أَنْ لَا تُرْبَطَ الدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَتِرَ بِهِ يُشْبِهُ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَجْعَلُونَ وَثَنَهُمْ حَجَرًا وَاحِدًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَحَجَرٍ إلَخْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الَّذِي جُعِلَ مُحْتَرَزَ دَابَّةٍ مَذْكُورٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَكُونُ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ مُحْتَرَزَهُ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُشْغِلِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَشْبَهَ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ أَيْ إنَّ الْمُسْتَتِرَ بِهِ أَشَدُّ شَبَهًا بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَصْمُدُهُ) مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْ وَلَا يَجْعَلُهُ تُجَاهَهُ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ أَيْ كَخِرْقَةٍ (قَوْلُهُ كَالْخَطِّ فِي الْأَرْضِ طُولًا أَوْ عَرْضًا) كَأَنَّهُ أَرَادَ بُطُولًا مَا إذَا جَعَلَهُ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِهَا وَأَرَادَ

الصفحة 278