كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

مِثْلُهُ الْوَادِي وَالْحُفْرَةُ وَالْمَاءُ وَالنَّارُ وَلَا يُصَلِّي لِمُشْغِلٍ كَنَائِمٍ وَحِلَقِ الْمُحَدِّثِينَ وَمَأْبُونٍ وَلَا إلَى مَنْ يُوَاجِهُهُ وَلَا إلَى ظَهْرِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأَجْنَبِيَّةٍ) وَأَرَادَ بِهَا مَا عَدَا الْمَحْرَمَ وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِتَارِ بِظَهْرِ الرَّجُلِ إذَا رَضِيَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ الْوُضُوءِ وَاخْتَارَ أَبُو مَهْدِيٍّ أَنَّ الرِّدَاءَ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِهِ يُعْمَلُ سِتْرًا لِلْبَابِ يَكْفِي فِي السُّتْرَةِ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ مِتْرًا كَمَا عَلَى بَعْضٍ وَقَيَّدْنَا عَدَمَ الِاسْتِتَارِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ بِالظَّهْرِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِتَارَ بِالْوَجْهِ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا بِهِ بَلْ الرَّجُلُ لَا يُسْتَتَرُ بِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُشْغِلِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِظَهْرِ الْمَحْرَمِ أَوْ يُكْرَهُ قَوْلَانِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ) أَيْ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا بِوَجْهِهَا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا فِي مَنْعِ الِاسْتِتَارِ بِهِ وَأَيْضًا هُوَ قَدْ دَخَلَ فِي الْمُشْغِلِ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْمَحْرَمَ بِنَسَبٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ.

(ص) وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَارَّ إذَا كَانَ لَهُ سِعَةٌ فِي تَرْكِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَمَرَّ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ كَانَ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي سُتْرَةٌ أَمْ لَا تَعَرَّضَ الْمُصَلِّي أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَالْمُصَلِّي هُوَ الَّذِي تَعَرَّضَ لِلْمُرُورِ بِأَنْ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ بِمَحَلٍّ يُخْشَى بِهِ الْمُرُورُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الِانْحِيَازِ إلَى شَيْءٍ فَلَا إثْمَ عَلَى الْمَارِّ وَيَأْثَمُ الْمُصَلِّي فَقَطْ حَيْثُ حَصَلَ الْمُرُورُ لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ كَمَا لَا إثْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُرُورِ مَنْ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَلَا تَعَرُّضَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَأْثَمَانِ وَعَكْسُهُ يَأْثَمُ الْمَارُّ لَا الْمُصَلِّي وَعَكْسُهُ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ السُّتْرَةِ مَنْدُوبَةً وَبَيْنَ الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا إذْ النَّدْبُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِهَا وَالْإِثْمُ بِالْمُرُورِ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ قَوْلُهُ وَأَثِمَ مَا رَأَى غَيْرَ مُصَلٍّ وَطَائِفٍ؛ لِأَنَّ مُرُورَ الطَّائِفِينَ وَحَرَكَةَ مُصَلٍّ آخَرَ وَمُرُورَهُ لَا تَضُرُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ وَلِغَيْرِهَا إنْ كَانَ الْمَارُّ مُصَلِّيًا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ الْمَارُّ طَائِفًا وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَارُّ غَيْرَ مُصَلٍّ وَلَا طَائِفٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْعَرْضِ مَا كَانَ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ وَعِبَارَتُهُ فِي ك وَخَطٌّ بِأَنْ يَخْتَطَّ الْإِنْسَانُ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَوْ مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُحْتَرَزٌ ثَابِتٌ.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي عَدَمِ الِاسْتِتَارِ لَا فِي عَدَمِ الثَّبَاتِ وَأَلْحَقَهَا بِهِ مَعَ أَنَّ لَهَا ثَبَاتًا نَظَرًا لِمُشَابِهَتِهَا لِلْخَطِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا ارْتِفَاعَ لَهَا.
(قَوْلُهُ الْوَادِي) الْمَوْضِعُ الْمُنْخَفِضُ مِنْ الْأَرْضِ كَالْبِرْكَةِ.
(قَوْلُهُ كَنَائِمٍ) أَيْ فَهُوَ مُشْغِلٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي أَوْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ وَحِلَقِ الْمُحَدِّثِينَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْحَلْقَةُ بِالتَّسْكِينِ حَلْقَةُ الْبَابِ وَحَلْقَةُ الْقَوْمِ وَالْجَمْعُ الْحَلَقُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ حَلْقَةٌ كَبَدْرَةٍ وَبِدَرٍ وَقَصْعَةٍ وَقِصَعٍ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ أَيْ حِلَقُ الْمُحَدِّثِينَ فِي فِقْهٍ وَغَيْرِهِ لِاشْتِغَالِ بَالِهِ، مَفْهُومُهُ لَوْ كَانُوا سَاكِتِينَ يَسْتَتِرُ بِهِمْ وَلِذَا ذَكَرَ الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِتَارُ بِالْحِلَقِ إذَا كَانَ أَهْلُهَا سُكُوتًا أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ وُجُوهُ بَعْضِهِمْ إلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْغِلٌ.
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: وَلَا بَأْسَ بِالسُّتْرَةِ بِالْمُتَحَدَّثِينَ مَا لَمْ يَكُونُوا مُتَحَلِّقِينَ.
(قَوْلُهُ وَمَأْبُونٍ) أَيْ فِي دُبُرِهِ كَمَا فِي تت أَيْ يُفْعَلُ بِهِ فِي دُبُرِهِ وَمِثْلُهُ الْكَافِرُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَأَمَتُهُ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَا عَدَا الزَّوْجَةَ وَالْأَمَةَ وَقَوْلُهُ وَأَرَادَ بِهَا إلَخْ يُنَافِيهِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.
(قَوْلُهُ وَالصَّبِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُهُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ جَمِيلًا وَإِلَّا فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَرْأَةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ مَعَ الْمَرْأَةِ شَيْطَانٌ وَاحِدٌ وَمَعَ الْجَمِيلِ شَيْطَانَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ الْوُضُوءِ) كَذَا فِي ك وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ عج وَنَصُّهُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ النَّجِسِ أَيْ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمَ التَّحَفُّظِ أَيْ فَحِينَئِذٍ لَا يُشْتَرَطُ الْجَزْمُ أَوْ الظَّنُّ بِطَهَارَةِ بَدَنِهِ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ بَدَنِهِ أَوْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ فَهَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِطَاهِرٍ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ لَا يُغْتَفَرُ وَحَرِّرْ وَخَفَّفَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ إلَى الطَّائِفِينَ وَرَآهُمْ فِي مَعْنَى الْمُصَلِّينَ وَانْظُرْ هَلْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى سُتْرَةٍ؟ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ وَالْمَيِّتُ وَلَوْ كَانَ بِالْأَرْضِ هُوَ السُّتْرَةُ؛ لِأَنَّ سِرَّ وَضْعِ السُّتْرَةِ مَوْجُودٌ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَهُ نَقَلَهُ عج عَنْ الْأَبِيِّ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى سَرِيرٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْأَرْضِ فَلَمْ نَجْعَلْهُ كَالْخَطِّ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقْوَى مِنْهُ وَلَا أُبَالِي بِكَوْنِ الْمَيِّتِ صَارَ نَجِسًا بِالْمَوْتِ أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا بِكَوْنِ طُولِهَا ذِرَاعًا لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ بِهِ عُمُومُ قَوْلِهِ بِطَاهِرٍ وَقَوْلُهُ وَطُولِ ذِرَاعٍ قَالَهُ شَيْخُنَا اهـ عج.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي مَهْدِيٍّ قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَمَا قَالَهُ فِي الزَّرْعِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الرِّدَاءُ وَشِبْهُهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ لِرِقَّتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ مِتْرًا كَمَا) بِالْمِيمِ كَمَا فِي نُسْخَةِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَحْرَمِ) أَيْ الْأُنْثَى خَاصَّةً وَأَمَّا الْمَحْرَمُ مِنْ الرِّجَالِ فَيُسْتَتَرُ بِهِ إنْ كَانَ بِظَهْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَرْأَةِ هَلْ تَسْتَتِرُ بِمَحْرَمِهَا كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِهَا أَيْ بِظَهْرِهِ؟ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْجَوَازُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَسْتَتِرُ بِالْأَجْنَبِيِّ كَمَا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَسْتَتِرُ بِهَا وَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ وَأَثِمَ مَارٌّ إلَخْ) وَكَذَا مُنَاوِلٌ آخَرَ شَيْئًا وَمُكَلِّمٌ آخَرَ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ.
(قَوْلُهُ صَلَّى لِسُتْرَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَظُنُّ فِيهِ الْمُرُورَ وَصَلَّى لِسُتْرَةٍ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ أَوْ لَمْ يُصَلِّ لِسُتْرَةٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ لَمْ يُطَالَبْ بِهَا أَوْ قَصَّرَ فِيهَا.
(قَوْلُهُ تَعَرَّضَ الْمُصَلِّي إلَخْ) بِأَنْ صَلَّى بِمَوْضِعٍ يَخْشَى فِيهِ الْمُرُورَ بِدُونِ سُتْرَةٍ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَيْ بِأَنْ صَلَّى بِمَوْضِعٍ لَا يَخْشَى فِيهِ الْمُرُورَ أَوْ بِمَوْضِعٍ يَخْشَى فِيهِ الْمُرُورَ وَصَلَّى لِسُتْرَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَحَدَ التَّعْمِيمَيْنِ يَكْفِي فَلَوْ يَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَكَفَاهُ بَلْ لِرُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ التَّعَرُّضَ يَتَحَقَّقُ وَلَوْ مَعَ السُّتْرَةِ فَيُنَافِي مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى لِغَيْرِ سُتْرَةٍ تَفْسِيرًا لِلتَّعَرُّضِ.
(قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْإِثْمِ بِتَرْكِهَا) أَيْ مَعَ تَرْكِهَا فَلَيْسَتْ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْإِثْمِ بَلْ السَّبَبُ فِي الْإِثْمِ الْمُرُورُ مُصَاحِبًا لِتَرْكِهَا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي إلَخْ) هَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ الْمَارُّ طَائِفًا)

الصفحة 279