كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

يُفَرِّقَ بَيْنَ بَطْنِهِ وَفَخِذَيْهِ وَبَيْنَ مِرْفَقَيْهِ وَجَنْبَيْهِ وَبَيْنَ رُكْبَتَيْهِ، وَمُجَافَاةُ مِرْفَقَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ تُفِيدُ مُجَافَاةَ ذِرَاعَيْهِ لِفَخِذَيْهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ الَّتِي لَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا وَلَهُ أَنْ يَضَعَ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ فِي النَّوَافِلِ وَبَطْنِهِ بِالْجَرِّ بَدَلَ مِنْ رَجُلٍ أَيْ مُجَافَاةُ بَطْنِ رَجُلٍ وَفَخِذَيْهِ مَفْعُولُ مُجَافَاةُ وَبِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لِمَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ مُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ قِيلَ لَهُ مَا مَعْنَى مُجَافَاتُهُ فَقَالَ يَجْعَلُ بَطْنَهُ مُجَافِيًا فَخِذَيْهِ فَنَصَبَ فَخِذَيْهِ بِمُجَافَاةِ الْمُقَدَّرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِمُجَافَاةِ وَالْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ أَيْ وَيُنْدَبُ أَيْضًا مُجَافَاةُ مِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يَضَعُهُمَا وَلَا ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِذِكْرِ الرَّجُلِ عَنْ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي صَلَاتِهَا مُنْضَمَّةً مُنْزَوِيَةً وَقِيلَ هِيَ كَالرَّجُلِ فِي ذَلِكَ.

(ص) وَالرِّدَاءُ (ش) أَيْ يُسْتَحَبُّ الرِّدَاءُ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ نَافِلَةً أَوْ فَرِيضَةً قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الِاسْتِحْبَابُ فِي الرِّدَاءِ عَلَى مَرَاتِبَ أَرْبَعَةٍ آكَدُهَا صَلَاةُ الْأَئِمَّةِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ بِالْأَرْدِيَةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الْغَفَائِرِ وَالْبَرَانِسِ وَيَلِيهَا فِي الِاسْتِحْبَابِ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَمَسَاجِدِ الْقَبَائِلِ بِالرِّدَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَيَلِي ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْبَابِ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي دَارِهِ أَوْ فِنَائِهِ بِالرِّدَاءِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَيَلِي ذَلِكَ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ فِي دَارِهِ أَوْ فِنَائِهِ بِالرِّدَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَهُوَ أَدْنَى مَرْتَبَةِ الِاسْتِحْبَابِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ.
وَقَدْ أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا طَلَبَهُ ابْتِدَاءً وَأَفَادَ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ حُكْمَ مَا إذَا تُرِكَ، وَالرِّدَاءُ فِي النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ هُوَ الثَّوْبُ أَوْ الْبُرُدُ يَضَعُهُ عَلَى عَاتِقَيْهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ فَوْقَ ثِيَابِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمَدْخَلِ، وَزَادَ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ وَنَحْوُهَا دُونَ أَنْ يُغَطِّيَ بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهَا بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ.

(ص) وَسَدْلُ يَدَيْهِ (ش) أَيْ يُنْدَبُ لِكُلِّ مُصَلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ سَدْلُ أَيْ إرْسَالُ يَدَيْهِ إلَى جَنْبَيْهِ مِنْ حِينِ يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ ظَاهِرُهُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُكْرَهُ الْقَبْضُ فِي الْفَرْضِ.

(ص) وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ أَوْ إنْ طُوِّلَ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ فِي الْفَرْضِ لِلِاعْتِمَادِ أَوْ خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ أَوْ إظْهَارَ خُشُوعٍ؟ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ هَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ لِكُوعِ يَدِهِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ فِي النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ طُولٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؟ أَوْ إنْ طُوِّلَ فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قُصِّرَ كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ؟ وَهُمَا تَأْوِيلَانِ وَأَمَّا سَبَبُ كَرَاهَةِ الْقَبْضِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ فِي الْفَرْضِ فَفِيهِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ قِيلَ لِلِاعْتِمَادِ إذْ هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُسْتَنِدِ وَهُوَ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فَلَوْ فَعَلَهُ لَا لِذَلِكَ بَلْ تَسَنُّنًا لَمْ يُكْرَهْ وَأُخِذَ مِنْهُ جَوَازُهُ فِي النَّفْلِ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقِيلَ خِيفَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ بَطْنِهِ وَفَخِذَيْهِ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُجَافَاةُ رِجْلٍ فِيهِ بَطْنَهُ.
(قَوْلُهُ وَبَيْنَ مِرْفَقَيْهِ وَجَنْبَيْهِ) صُورَةٌ خَارِجَةٌ وَكَذَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمُجَافَاةَ بَيْنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ تُؤْخَذُ لُزُومًا مِنْ مُجَافَاةِ الْمِرْفَقَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ إذَا جَعَلَ الْمِرْفَقَيْنِ فِي حَالِ الْمُجَافَاةِ لِلرُّكْبَتَيْنِ مُحَاذِيَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ فَتَدَبَّرْ. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمُصَنِّفِ هِيَ مَا أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ وَمُجَافَاةُ مِرْفَقَيْهِ إلَخْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُبَيِّنَهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى ثُمَّ يَقُولَ: وَمُجَافَاةُ كَذَا تَسْتَلْزِمُ كَذَا (قَوْلُهُ تُفِيدُ) كَذَا فِي ك وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْمُبَاعَدَةُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ يَكُونُ الْمِرْفَقَانِ مُحَاذِيَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَبَطْنِهِ بِالْجَرِّ بَدَلٌ) هَذَا الْإِعْرَابُ لِلْبِسَاطِيِّ جَعَلَهُ اللَّقَانِيِّ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ بَطْنَهُ يَصِيرُ فَاعِلًا مَعَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ وَفَخِذَيْهِ تَثْنِيَةُ فَخِذٍ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مَا بَيْنَ الرُّكْبَةِ وَالْوَرِكِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ فَتْحُ الْفَاءِ وَكَسْرُ الْفَاءِ مَعَ سُكُونِ الْخَاءِ وَفَتْحُ الْفَاءِ وَكَسْرُ الْخَاءِ وَالْفَاءِ (قَوْلُهُ يَجْعَلُ بَطْنَهُ إلَخْ) فَفِيهِ حَذْفُ عَامِلَيْنِ (أَقُولُ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَطْنُهُ مَعْمُولُ مُجَافَاةٍ وَقَوْلُهُ فَخِذَيْهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ يُجَافِي الرَّجُلُ بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَضَعُهُمَا) أَيْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَخْ هَذَا لَازِمٌ لِمُجَافَاةِ الْمِرْفَقَيْنِ لِلرُّكْبَتَيْنِ حَيْثُ تَكُونُ الْمُجَافَاةُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ الْمُسَامَتَةِ.

(قَوْلُهُ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ) أَيْ إلَّا الْمُسَافِرَ (قَوْلُهُ آكَدُهَا) أَيْ أَكْثَرُهَا ثَوَابًا (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْقَبَائِلِ وَفِي الدَّارِ وَالْفِنَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فَوْقَ الْفَذِّ وَدُونَ الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كَالْفَذِّ قَالَهُ عج.
(قَوْلُهُ وَأَفَادَ فِيمَا سَيَأْتِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا سَيَأْتِي قَاصِرٌ عَلَى الْإِمَامِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِي حَقِّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ هُوَ الثَّوْبُ أَوْ الْبُرْدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْبُرْدُ مِنْ الثِّيَابِ جَمْعُهُ بُرُودٌ وَأَبْرَادٌ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُرَبَّعٌ اهـ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ (قَوْلُهُ عَاتِقَيْهِ) يُقَالُ لِمَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ عَاتِقٌ وَهُوَ مَوْضِعُ الرِّدَاءِ وَالْمَنْكِبُ كَالْمَجْلِسِ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَلَى كَتِفَيْهِ وَتَبَيَّنَ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعَاتِقَ وَالْكَتِفَ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ) أَيْ طُولُهُ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ أَئِمَّتِنَا أَنَّ طُولَهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ هَكَذَا قَالَ عج أَيْ فَكَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ لَيْسَ هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّتِنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْقَبْضُ فِي الْفَرْضِ) وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا يُكْرَهُ بَلْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ) بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ بَلْ تَسَنُّنًا لَمْ يُكْرَهْ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي السُّنَّةِ وَنَفْيُ الْكَرَاهِيَةِ صَادِقٌ بِالْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَحَيْثُ كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بَقِيَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَا اعْتِمَادًا وَلَا تَسَنُّنًا وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى التَّسَنُّنِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ فَيُحْمَلُ خَالِي الذِّهْنِ عَلَيْهِ فَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَصْدُ الِاعْتِمَادِ

الصفحة 286