كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

فَلَا يُكْرَهُ لَكِنْ تَرْكُ السُّجُودِ عَلَى ذَلِكَ أَحْسَنُ (ص) وَرَفْعُ مُومٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى سُجُودٌ أَيْ وَكَرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ وَرَفْعُ أَوْ نَصْبُ مُصَلٍّ مُومٍ لِعَجْزِهِ عَنْ السُّجُودِ شَيْئًا أَتَى جَبْهَتَهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُعِدْ وَهَذَا إذَا نَوَى بِإِيمَائِهِ الْأَرْضَ فَإِنْ نَوَى بِهِ مَا رَفَعَهُ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يَجْزِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

(ص) وَسُجُودٌ عَلَى كُورِ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفِ كُمٍّ وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ لَهُ بِمَسْجِدٍ وَقِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ (ش) أَيْ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَيْضًا السُّجُودُ عَلَى كُورِ أَيْ طَاقَاتِ عِمَامَتِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا إذَا كَانَ قَدْرُ الطَّاقَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا أَعَادَ التُّونِسِيُّ هُوَ تَفْسِيرٌ وَكَذَا يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى طَرَفِ كُمٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَلْبُوسِهِ فَالْمُرَادُ بِالْكُمِّ شَيْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْمُصَلِّي، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَنْقُلَ حَصْبَاءَ أَوْ تُرَابًا مِنْ مَوْضِعِ ظِلٍّ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ السُّجُودِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ شَمْسٍ لِتَحْفِيرِهِ وَإِذَايَةِ الْمَاشِي وَالْمُصَلِّي فِيهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي فِعْلِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ.
وَكَذَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ أَوْ السُّجُودُ لِخَبَرِ «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ اجْتَهَدُوا فِيهِ بِالدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ فَخُصَّتَا بِالذِّكْرِ فَكُرِهَ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَالضَّمِيرُ فِي " لَهُ " رَاجِعٌ لِلسُّجُودِ أَيْ: وَكُرِهَ نَقْلُ الْحَصْبَاءِ مِنْ مَوْضِعِ الظِّلِّ لِأَجْلِ السُّجُودِ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ لَكِنْ مَا أَدَّى لِلتَّحْفِيرِ مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ لِلسُّجُودِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ الْخُصُوصَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَرَاهَةَ نَقْلِهِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى.

(ص) وَدُعَاءٌ خَاصٌّ (ش) أَيْ وَكُرِهَ أَنْ يَدْعُوَ الْمُصَلِّي بِدُعَاءٍ لَا يَدْعُو بِغَيْرِهِ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى كَثِيرَةٌ وَمُسَمَّاهَا وَاحِدٌ سَمَّى
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ كَبِسَاطٍ لَمْ يُعَدَّ لِفَرْشٍ بِمَسْجِدٍ فِي صَفٍّ أَوَّلٍ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ كَانَ مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ رِيعِ وَقْفِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَفَهُ لِيُفْرَشَ بِصَفٍّ أَوَّلٍ لِلُزُومِ وَقْفِهِ إنْ جَازَ أَوْ كُرِهَ؛ لِأَنَّ التَّزَاحُمَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ مَطْلُوبٌ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا فُرِشَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ سُجُودٌ بِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَجَلَسَ عَلَيْهِ وَسَجَدَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا كَرَاهَةَ.
(قَوْلُهُ وَرَفْعٌ أَوْ نَصْبٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّفْعَ لَيْسَ فِيهِ اتِّصَالٌ بِالْأَرْضِ بِخِلَافِ النَّصْبِ فَفِيهِ اتِّصَالٌ فَحَيْثُ كَانَ فِيهِ اتِّصَالٌ فَيَكُونُ سُجُودًا حَقِيقَةً فَلَا يَرْجِعُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا نَوَى إلَخْ لَهُ بَلْ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا رَفَعَ حَجَرًا بِدُونِ اتِّصَالٍ خِلَافًا لِمَا فِي عب وَلَا يُشْتَرَطُ فِي السُّجُودِ ارْتِفَاعُ أَسَافِلِهِ عَلَى أَعَالِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ ثُمَّ يُقَالُ أَيْضًا إنَّهُ إذَا كَانَ رَفَعَهُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا نَوَى بِإِيمَائِهِ الْأَرْضَ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ رَفَعَ شَيْئًا أَيْ بِقَصْدِ السُّجُودِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِهَا وَجَهِلَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ لِلَّخْمِيِّ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ الْتِئَامِهِ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ السُّجُودِ) أَوْ كَانَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَاَلَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ جَاهِلٍ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَغَيْرُهُ وَنَسَبَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ إنْ كَانَ عَامِدًا لَا جَاهِلًا وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ عج بُطْلَانُ صَلَاةِ الصَّحِيحِ بِفِعْلِ ذَلِكَ مُطْلَقًا جَاهِلًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ عَامِدًا.

(قَوْلُهُ أَيْ طَاقَاتِ عِمَامَتِهِ) الْقَصْدُ الْجِنْسُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَهَذَا إذَا كَانَ قَدَرَ إلَخْ وَالطَّاقَةُ التَّعْصِيبَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْ طَيَّاتٍ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْكُورُ كَثِيفًا لَمْ يَقُلْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا كَانَ الطَّاقَتَانِ كَثِيفَتَيْنِ فَفِيهِ الْإِعَادَةُ ثُمَّ ظَاهِرُهُ الْإِعَادَةُ أَبَدًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا مَشْدُودَةٌ عَلَى الْجَبْهَةِ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ فَفِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ تت فِي كَبِيرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا كَانَ قَدْرَ الطَّاقَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إنْ مَسَّ أَنْفُهُ الْأَرْضَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا شُدَّ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَمَّا مَا بَرَزَ عَنْهَا حَتَّى مَنَعَ لُصُوقَهَا بِالْأَرْضِ فَلَا يُجْزِئُ قَطْعًا وَقَوْلُهُ تَفْسِيرٌ أَيْ إنَّ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَا خِلَافٌ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى طَرَفِ كُمٍّ إلَخْ) أَيْ إلَّا لِضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فِي كِتَابِ ابْنِ بَشِيرٍ وَيُكْرَهُ سَتْرُ الْيَدَيْنِ بِالْكُمَّيْنِ فِي السُّجُودِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةُ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ اهـ.
(قَوْلُهُ لِتَحْفِيرِهِ) أَيْ إنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْفِيرِ فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلتَّحْفِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ.
(قَوْلُهُ فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ) أَيْ بِالتَّسْبِيحِ نَحْوِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ فِي السُّجُودِ مَعَ أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّسْبِيحُ فِيهِ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي السُّجُودِ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ.
(قَوْلُهُ فَقَمِنٌ) أَيْ فَحَقِيقٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا طُلِبَ التَّعْظِيمُ وَالدُّعَاءُ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَقَوْلُهُ فَخُصَّتَا بِالذِّكْرِ أَيْ وَالدُّعَاءِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ الْوَاوِ وَمَا عَطَفَتْ.
(قَوْلُهُ فَخُصَّتَا بِالذِّكْرِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَالَتَا ذُلٍّ أَيْ، وَالْقُرْآنُ يَنْبَغِي تَرَفُّعُهُ حِسًّا وَمَعْنًى وَلَيْسَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ تَرَفُّعٌ لَهُ حِسًّا وَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ أَيْ إنَّهُمَا خَاصَّتَانِ بِالذِّكْرِ لَا يَتَجَاوَزَانِهِ إلَى الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَالْقُرْآنُ يَنْبَغِي تَرَفُّعُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذِّكْرَ يُنَاسِبُ الذُّلَّ بِانْخِفَاضِ الْحَالِ وَالْقُرْآنُ بِالْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ فَكُرِهَ) أَيْ وَحَيْثُ خُصَّتَا بِالذِّكْرِ حُكِمَ بِكَرَاهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ نَصًّا لِمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ حُكِمَ بِكَرَاهَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ لِلْخَالِقِيَّةِ والْمَخْلُوقيَّةِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَالَتَا ذُلٍّ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَلْتَفِتْ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَفِيَ فِي الْجُمْلَةِ.
(قَوْلُهُ لَكِنْ مَا أَدَّى لِلتَّحْفِيرِ مَكْرُوهٌ) فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلتَّحْفِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِ السُّجُودِ.

(قَوْلُهُ الْمُصَلِّي) بَلْ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ فِي رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ رُكُوعٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلُّ دُعَاءٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ كَثِيرَةٌ وَمُسَمَّاهَا وَاحِدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِشَيْءٍ

الصفحة 291