كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

قَوْلِهِ ثُمَّ ظَهْرٍ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَمَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ فَقَادِرٌ عَلَيْهِ يَفْعَلُ صَلَاتَهُ كُلَّهَا مِنْ قِيَامٍ وَيُومِئُ لِسُجُودِهِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ الْجُلُوسِ أَيْضًا أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَيَمُدُّ يَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ فِي إيمَائِهِ وَيَجْلِسُ وَيُومِئُ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ جُلُوسٍ. ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مُتَعَلِّقِ عَاجِزٌ؛ إذْ الْمَعْنَى وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَحْدَهُ فَلَيْسَ عَاجِزًا عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَمَعَ الْجُلُوسِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ وَحْدَهُ الْمُقَدَّرِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِهِ وَأَوْمَأَ الثَّانِي لِأَنَّ أَوْمَأَ الْأَوَّلُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْمَعْطُوفِ وَإِنْ قُدِّرَ شَرْطٌ انْتَفَى أَيْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ نُكْتَةَ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ أَوْمَأَ ثَانِيًا لِرَفْعِ إيهَامِ أَنَّهُ يُومِئُ مِنْ قِيَامٍ مُطْلَقًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَحَلُّ الشَّارِحِ غَيْرُ مَعْقُولٍ.

(ص) وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيُجْزِئُ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَأْوِيلَانِ الْأُولَى هَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ صَلَّى إيمَاءً مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ بِوُسْعِهِ بِحَيْثُ لَا يُطِيقُ زَائِدًا عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ قَصَرَ عَنْ طَاقَتِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَاسْتُظْهِرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْأَصْلِ أَوْ يَكْفِي مَا يُسَمَّى إيمَاءً مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِنِهَايَةِ وُسْعِهِ وَأَخَذَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ تَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ، فَلَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ وَإِنَّمَا يُومِئُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْإِيمَاءِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَمْ لَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَشْيَاخِ هُوَ مُوَافِقٌ لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِحَدٍّ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَوْ قَارَبَ الْمُومِئُ الْأَرْضَ أَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا فَزِيَادَةُ إمْسَاسِ الْأَرْضِ بِالْأَنْفِ لَا تُؤَثِّرُ مَعَ أَنَّ الْإِيمَاءَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ وَمَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ وَرَكِبَ الْمَشَقَّةَ فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ كَمُتَيَمِّمٍ أُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ لِعُذْرٍ فَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَاغْتَسَلَ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ وَمَا قَبْلَهُ أَشَارَ بِالتَّأْوِيلَيْنِ.

(ص) وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ بِسُجُودٍ تَأْوِيلَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ أَرْبَعَةٌ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ صُوَرُهُ ثَلَاثٌ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا وَالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ صُوَرُهُ اثْنَانِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ صُوَرُهُ وَاحِدَةٌ وَكُلُّهَا مَا عَدَا التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَالْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا وَاجِبٌ وَأَمَّا بَيْنَهُمَا فَمُسْتَحَبٌّ.

(قَوْلُهُ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ) أَيْ اسْتِقْلَالًا وَاسْتِنَادًا (قَوْلُهُ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ) أَيْ: وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ يُومِئُ لِلسُّجُودِ) أَيْ السَّجْدَتَيْنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَنَّ هَذَا الْإِيمَاءَ لِلسُّجُودِ أَوْ لِلرُّكُوعِ مَثَلًا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوَّلًا كَافِيَةٌ هَكَذَا نَظَرَ عج خِلَافًا فِي عب وَسَكَتَ عَنْ حَالِ الْيَدَيْنِ هَلْ يُومِئُ بِهِمَا لِلْأَرْضِ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَضْعِ لِلْأَرْضِ وَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ إذَا كَانَ يَقْدِرُ مَعَ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَالَةِ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ.
(قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ وَحْدَهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَوْ هُوَ مَعَ الْجُلُوسِ (قَوْلُهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْمَعْطُوفِ) فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَالْعَاجِزُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ مَعَ الْجُلُوسِ يُومِئُ لِلسُّجُودِ مَعَ جُلُوسٍ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ (قَوْلُهُ انْتَفَى) أَيْ: الْإِشْكَالُ (قَوْلُهُ إيهَامٌ أَنَّهُ يُومِئُ مِنْ قِيَامٍ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ أَوْ عَجَزَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ ثُمَّ اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ لِلسُّجُودِ مِنْهُ وَتَسْلِيطُ أَوْمَأَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَالْعَاجِزُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ وَحْدَهُ أَيْ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا أَوْ اسْتِنَادًا أَوْ هُوَ مَعَ الْجُلُوسِ يُومِئُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ يُومِئُ مِنْ قِيَامٍ مُطْلَقًا وَالثَّانِيَ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَلِلسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ (قَوْلُهُ وَحَلُّ الشَّارِحِ غَيْرُ مَعْقُولٍ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ يُرِيدُ أَنَّ الْعَاجِزَ يُبَاحُ لَهُ الْإِيمَاءُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ جَالِسًا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى الْوِفَاقِ أَيْ: أَوْ لَا يُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ اعْتِبَارًا بِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ طَارِحًا لِكَلَامِ أَشْهَبَ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يُطِيقُ زَائِدًا) أَيْ: وَلَا يُبَالِي بِمُسَاوَاةِ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ لِلْإِيمَاءِ فِي السُّجُودِ وَعَدَمِ تَمْيِيزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إذَا فَعَلَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا سَهْوًا هَكَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَكْفِي مَا يُسَمَّى إيمَاءً) وَلَا يَجِبُ أَنْ يَبْذُلَ وُسْعَهُ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ الرُّكُوعِ عَنْ السُّجُودِ أَيْ: يَبْقَى فِي وُسْعِهِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَمْيِيزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وُسْعِهِ) أَيْ: طَاقَتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) فِيمَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ تَمْنَعُهُ السُّجُودَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى الْأَنْفِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ وَرَكِبَ الْمَشَقَّةَ) أَيْ: تَرَكَهَا وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ لِتَدْخُلَ تِلْكَ الصُّورَةُ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسْجُدْ بِجَبْهَتِهِ إلَى الْأَرْضِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَالَ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْإِجْزَاءِ وَهَلْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَظْهَرَ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَأَمَّا لَوْ أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الِانْحِنَاءِ يُشِيرُ بِيَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ وَفِي حَالَةِ الْجُلُوسِ يَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ قَالَ عج وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَضَعُهُمَا) الْمُنَاسِبُ الْوَاوُ (قَوْلُهُ كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ إلَخْ) اشْتَرَطَ

الصفحة 297