كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

تَكَلَّمَ عَنْ أَرْبَعِ مَسَائِلَ: قَضَاءُ الْفَوَائِتِ، وَتَرْتِيبُ الْحَوَاضِرِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا، وَتَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ مَعَ الْحَوَاضِرِ فَأَشَارَ إلَى الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ وَيَسِيرُهَا مَعَ حَاضِرَةٍ وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَالْفَوَائِتُ فِي أَنْفُسِهَا وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَمَعَ ذِكْرِ تَرْتِيبِ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا، وَإِلَى مَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ هُنَا وَجَبَ قَضَاءٌ إلَخْ.

(ص) وَمَعَ ذِكْرٍ تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا (ش) أَيْ وَوَجَبَ مَعَ الذِّكْرِ ابْتِدَاءً وَفِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الْمَعْرُوفِ تَرْتِيبُ الْحَاضِرَتَيْنِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَيُقَدِّمُ الظُّهْرَ عَلَى الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبَ عَلَى الْعِشَاءِ فَلَوْ بَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ نَاسِيًا لِلْأُولَى أَعَادَ الْأَخِيرَةَ مَا دَامَ الْوَقْتُ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى فَلَوْ بَدَأَ بِالْأَخِيرَةِ وَهُوَ مُتَذَكِّرٌ لِلْأُولَى أَوْ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ أَعَادَ الْأَخِيرَةَ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى.

(ص) وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا (ش) عَطْفٌ عَلَى حَاضِرَتَيْنِ فَقَيْدُ الذِّكْرِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ أَيْ وَوَجَبَ مَعَ الذِّكْرِ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ مُتَمَاثِلَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً فِي أَنْفُسِهَا لَكِنْ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ فَلَا يُعِيدُهَا أَصْلًا لَوْ خَالَفَ وَنَكَّسَ لَوْ عَامِدًا إذْ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا خَرَجَ وَقْتُهَا.

(ص) وَيَسِيرِهَا مَعَ حَاضِرَةٍ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا وَهَلْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ (ش) هُوَ أَيْضًا مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا قَبْلُهُ أَيْ: وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ لَا شَرْطًا أَيْضًا تَرْتِيبُ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ أَصْلًا أَوْ بَقَاءً إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْحَاضِرَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتُلِفَ فِي أَكْثَرِ الْيَسِيرِ هَلْ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ أَوْ خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَازِرِيُّ، وَتُنْدَبُ الْبُدَاءَةُ بِالْحَاضِرَةِ مَعَ الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَإِلَّا وَجَبَ.

(ص) فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا أَعَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ خِلَافٌ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَسِيرُهَا مَعَ حَاضِرَةٍ إلَخْ أَيْ فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ اسْتِحْبَابًا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِيَسِيرِ الْفَوَائِتِ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ الْمُدْرَكِ فِيهِ رَكْعَةٌ بِسَجْدَتَيْهَا فَأَكْثَرَ وَهُوَ الْغُرُوبُ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالْفَجْرُ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَالطُّلُوعُ فِي الصُّبْحِ، كَمَا لَوْ خَالَفَ نَاسِيًا فِي الْحَاضِرَتَيْنِ وَهَلْ يُعِيدُ مَأْمُومُ الْإِمَامِ الْمُعِيدِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ خَلَلٍ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ خَلَلٌ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَى مَأْمُومِهِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَطَائِفَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِعَادَةَ لِخَلَلٍ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا وَهُنَا لَا خَلَلَ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْيَسِيرُ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْحَاضِرَةُ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْإِعَادَةُ.

(ص) وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةٍ قَطَعَ فَذٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَشْغَالِ الْحَاجِيَّةِ أَيْ: أَنَّهُ مَعَ الْأَشْغَالِ الْحَاجِيَّةِ أَقَلَّ مَا يَقْضِي كُلَّ يَوْمٍ يَوْمَانِ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَيَجِبُ قَضَاءُ الْمُمْكِنِ وَحَرَّرَ وَلَا تَجُوزُ نَافِلَةٌ لِمَنْ عَلَيْهِ الْفَوَائِتُ إلَّا فَجْرُ يَوْمِهِ وَالشَّفْعُ وَالْوَتْرُ لَا غَيْرُهُ كَالتَّرَاوِيحِ فَإِنْ فَعَلَ أُجِرَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ طَاعَةً وَأَثِمَ مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرُ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ تَرَكَهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَائِتَةٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ أَيْضًا لِقَضَاءٍ أَيْ: قَضَاءٍ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْمَشْكُوكَةُ.

(قَوْلُهُ وَمَعَ ذِكْرٍ) أَيْ وَقُدْرَةٍ وَلَا يَأْتِي الْعَجْزُ إلَّا بِالْإِكْرَاهِ وَلَا يَأْتِي فِي النَّهَارِيَّتَيْنِ بَلْ فِي اللَّيْلِيَّتَيْنِ فَإِنْ زَالَ الْإِكْرَاهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَعَادَ اسْتِحْبَابًا مَا دَامَ الْوَقْتُ فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَلَا إعَادَةَ، وَإِنْ زَالَ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْإِكْرَاهِ كَالذِّكْرِ (قَوْلُهُ شَرْطًا) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وُجُوبًا شَرْطِيًّا وَأَعْرَبَهُ بَهْرَامُ حَالًا مِنْ تَرْتِيبٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِهِمَا بِحَيْثُ صَارَ مَا يَسَعُ مِنْهُ فِعْلُ الْأُولَى فَقَطْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ التَّرْتِيبُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ لَا لِلْأَوَّلِ فَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى وُجُوبِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ وَإِنَّهُ إنْ خَالَفَ أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِلَا خِلَافٍ، وَمُقَابِلُ الْمَعْرُوفِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ الظُّهْرَ فِي عَصْرِ يَوْمِهِ فَإِنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ الْآتِيَ فِيمَا لَوْ ذَكَرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ فِي حَاضِرَةٍ.

(قَوْلُهُ وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ لَا شَرْطًا) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ وَقْتَيْنِ وَقْتِ الْفَائِتَةِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ تَذَكُّرِهَا وَوَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَلَمَّا تَعَارَضَ الْوَقْتَانِ قَدَّمَ وَقْتَ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى وَقْتِ الْحَاضِرَةِ.

(قَوْلُهُ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ اسْتِحْبَابًا بَعْدَ إتْيَانِهِ إلَخْ) وَلَوْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً بَعْدَ وَتْرٍ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ خَلَلٍ إلَخْ) وَقَدْ حَصَلَ الْخَلَلُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَلْيَكُنْ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ وَهُنَا لَا خَلَلَ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ) أَصْلُ الْعِبَارَةِ لِلْبِسَاطِيِّ وَنَصُّهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَلَلِ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا وَهُنَا الصَّلَاةُ نَفْسُهَا لَا خَلَلَ فِيهَا اهـ. فَزَادَ الشَّارِحُ مَا تَرَى وَهُوَ مُضِرٌّ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ أَنَّ الْإِعَادَةَ لِلْخَلَلِ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا أَيْ: لِكَوْنِهِ اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ وَهُنَا لَمْ يَخْتَلَّ مِنْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَوْفِيَةُ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْإِعَادَةُ) ضَعِيفٌ بَلْ الرَّاجِحُ كَمَا قَرَّرَهُ الْأَشْيَاخُ وَاعْتَمَدُوهُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ.
{تَنْبِيهٌ} : إنَّمَا جَرَى خِلَافٌ فِي إعَادَةِ الْمَأْمُومِ وَجَزَمُوا بِإِعَادَةِ مَأْمُومٍ الْمُصَلِّي بِالنَّجَاسَةِ حَيْثُ يُعِيدُ؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ الَّذِي يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ بِالنَّجَاسَةِ أَشَدُّ مِنْ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ التَّرْتِيبِ.

(قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) أَيْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ مَا عَدَا الْجِنَازَةَ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَلَا يَلْحَقُ بِهَا عِيدٌ وَلَا كُسُوفٌ وَلَا اسْتِسْقَاءٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ جُمُعَةٍ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُهَا؛ لِأَنَّ الْفَذَّ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ جُمُعَةٌ أَوْ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِمَامٍ وَمَأْمُومِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِذَكَرِهَا ثَانِيًا (قَوْلُهُ قَطَعَ فَذٌّ) وُجُوبًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْبَابِ مُشْكِلٌ

الصفحة 301