كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ.

(ص) وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ (ش) الضَّمِيرُ مُوَزَّعٌ إذْ الْمَعْنَى وَصَحَّ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ وَلَوْ عَمْدًا رَعْيًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ رَعْيًا لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُكْرَهُ ابْتِدَاءٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ إلَخْ أَيْ: عَمْدًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّاهِي لَا يَتَّصِفُ بِصِحَّةٍ وَلَا فَسَادٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ.

(ص) لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيُصْلِحُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ: كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ أَبَدًا السَّهْوَ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونَ عَادَتُهُ نِسْيَانَ السُّجُودِ ثُمَّ شَكَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ صَلَاتَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَا إنْ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّقْصِ وَالتَّقْدِيرُ سُنَّ لِنَقْصٍ لَا لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ إلَخْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُصْلِحُ أَيْ: يَأْتِي بِمَا سَهَا عَنْهُ أَيْ: يُصْلِحُ مَا يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّات كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ مَثَلًا ثُمَّ رَكَعَ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَّا الْفَرْضُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَصَحَّ سُجُودُ السَّهْوِ إنْ قَدَّمَ بَعْدِيَّهُ) وَلَوْ كَانَ الْمُقَدِّمُ لَهُ الْمَأْمُومُ دُونَ إمَامِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ لَا مَسْبُوقٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ قَبْلِيَّهُ) وَلَوْ الْمَأْمُومُ بِأَنْ سَجَدَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ فِي مَحَلِّهِ وَأَخَّرَهُ الْمَأْمُومُ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْقَبْلِيَّ قِيلَ يُقَدِّمُ الْمَأْمُومُ وَقِيلَ يُؤَخِّرُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ السَّاهِي لَا يَتَّصِفُ بِصِحَّةٍ إلَخْ) ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيه مَا وَقَعَ مِنْ سُجُودِ سَهْوٍ وَيُطَالَبُ بِإِعَادَتِهِ.
أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَاهٍ عَنْ كَوْنِهِ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا مَعَ كَوْنِهِ قَاصِدًا فِعْلَهُ وَحَيْثُ إنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ تَعَلَّقَ بِتَقْدِيمِهِ لَا بِذَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِحَسَبِهَا.

(قَوْلُهُ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ إلَخْ) سَيَأْتِي يُبَيِّنُ الشَّارِحُ وَجْهَ عَطْفِهِ وَيَجُوزُ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ: وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ حَصَلَ مَا تَقَدَّمَ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فَفِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهُ مِمَّا فِيهِ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ السُّجُودِ بِالْكُلِّيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ لِاحْتِمَالِ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعِيدًا إذْ لَا نَقْصَ هُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِمَا حَصَلَ مِنْ نَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَزِيَادَةٍ عِنْدَ انْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ لِلْحَرَجِ اللَّاحِقِ (قَوْلُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ أَبَدًا السَّهْوُ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يُكْتَفَى مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً مِنْ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَكَّ فِي تَرْكِ ذَلِكَ) كَذَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيَّنُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَنْكَحَ يَضْبِطُ مَا فَعَلَهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصْلِحُ صَلَاتَهُ) أَمَّا إصْلَاحُ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ إذَا لَمْ يُفَارِقْ أَوْ يُفَارِقْ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ وَأَمَّا إصْلَاحُ الثَّانِي بِأَنْ يَتَذَكَّرَ تَرْكَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) وَانْظُرْ مَا حُكْمُ سُجُودِهِ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ قَبْلِيًّا وَالثَّانِي إنْ كَانَ بَعْدِيًّا كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ قَالَ عج فَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالسُّجُودِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَمْ يَسْهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِسُجُودِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا أَصْلَحَ مَا سَهَا عَنْهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُصْلِحْ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّارِكِ لَهُ وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَسْتَنْكِحْهُ السَّهْوُ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ اهـ. أَيْ: وَهُوَ السُّجُودُ فَقَوْلُهُمْ السَّاهِي الْمُسْتَنْكَحُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْإِصْلَاحِ هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج لَكِنَّ كَلَامَهُ بَعْدُ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْإِصْلَاحُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَمْكَنَهُ إصْلَاحٌ أَمْ لَا فَتَدَبَّرْ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِيمَا نَظَرَ فِيهِ عج.
(قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ) مِثَالٌ لِتَرْكِ السُّنَّةِ وَتَرَكَ مِثَالَ مَا إذَا تَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ وَأَمْكَنَهُ إصْلَاحُهُ وَنَقُولُ مِثَالُهُ مَا إذَا تَرَكَ الْقُنُوتَ حَتَّى انْحَنَى فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ إصْلَاحُهُ بِأَنْ يَقْنُتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
(قَوْلُ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ) هَذَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الرُّكُوعِ عَلَى تَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا سَدَلَ يَدَيْهِ يَصِحُّ رُكُوعُهُ، ثُمَّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى: مَا إذَا انْحَنَى وَلَمْ يَضَعْ، الثَّانِيَةَ: أَنْ يَكُونَ وَضَعَ وَلَمْ يُمَكِّنْ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ السُّورَةَ تَفُوتُ بِالِانْحِنَاءِ وَمُخَالِفٌ لِقَوْلِ شب كَمَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ مَثَلًا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَيَأْتِي بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَوَاتِ بِالِانْحِنَاءِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ شب بِحَسَبِ ظَاهِرِهِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَيَأْتِي إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ فَبِالِانْحِنَاءِ وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ لِشَارِحِنَا، وَالتَّحْقِيقُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَوَاتَ يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُهُمْ.
(قَوْلُهُ كَمَا إذَا تَرَكَ الْفَاتِحَةَ) مِثَالٌ لِمَا إذَا تَرَكَ الْفَرْضَ وَقُلْنَا يَأْتِي بِهِ مَعَ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَأْتِ بِهِ بَلْ أَتَى بِالرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمَقَامِ أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا تَمْثِيلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ بَلْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِالرَّكْعَةِ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْإِتْيَانُ بِهَا) أَيْ: فَإِذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا فَيَأْتِي بِهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ فِعْلًا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ سَاهٍ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ شَرْحٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ مِنْ أَنَّهُ يُصْلِحَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيُجَابُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِأَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَنْكَحًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّ مَعَهُ زِيَادَةٌ وَهِيَ الرَّكْعَةُ الَّتِي فَاتَتْهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْيَانُ بِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهَا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ حَتَّى لَا يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ تَرْكُ السُّورَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِمَا كَأَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ لَكَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا لِانْقِلَابِ الرَّكَعَاتِ فِي حَقِّهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ هَذِهِ الرَّكْعَةَ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَا صَحَّ أَوَّلَ

الصفحة 315