كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَيُصْلِحُ إذَا أَمْكَنَهُ بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا كَمَا لَوْ سَهَا عَنْ الْجُلُوسِ وَالتَّكْبِيرَةِ لَهُ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا سُجُودَ لِعَدَمِ خِطَابِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ بِمُفَارَقَتِهِ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَوْ اسْتَقَلَّ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يَسْتَنْكِحْ يَفُوتُ بِذَلِكَ.

(ص) أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَوْ سَلَّمَ؟ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَكَّ هَلْ سَهَا عَنْ شَيْءٍ أَمْ لَا فَتَفَكَّرَ قَلِيلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا شَكَّ هَلْ سَلَّمَ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْهَا سَجَدَ أَوْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ تَوَسَّطَ أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا يَأْتِي فِي نَاسِي السَّلَامِ، وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُعَادِلَهُمَا تَقْدِيرُهُ هَلْ سَهَا أَوْ لَمْ يَسْهَ أَوْ سَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ.

(ص) أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فِي شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ (ش) يُرِيدُ إذَا شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هَلْ سَجَدَهُمَا أَوْ إنَّمَا سَجَدَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ أُخْرَى عَلَى الْمُحَقَّقِ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُمِرَ بِذَلِكَ لَأَمْكَنَ أَنْ يَشُكَّ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ وَقَدْ يَشُكَّ أَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ أَيْضًا فَيَتَسَلْسَلُ ذَلِكَ وَلَوْ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ ثَلَاثًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ كَانَ بَعْدِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ زَادَ سُورَةً فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَدَلَّ كَلَامُهُ بِطَرِيقِ الْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ زَادَهَا فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّارِحِ مَا لَمْ يَكُنْ افْتَتَحَ بِسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي صَلَاةٍ شُرِعَ فِيهَا التَّطْوِيلُ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا إلَى سُورَةٍ طَوِيلَةٍ كَمَا فِي الْجَلَّابِ.

(ص) أَوْ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ (ش) أَيْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَرَجَ غَلَبَةً، وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الصِّيَامُ فَإِنْ ازْدَرَدَ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى طَرْحِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا تَمَادَى فِي الصَّلَاةِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ.

(ص) وَلَا لِفَرِيضَةٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ اسْتَنْكَحَهُ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ أَيْ: وَلَا يَسْجُدُ لِاسْتِنْكَاحِ السَّهْوِ وَلَا لِفَرِيضَةٍ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ عَلَى نَقْصٍ إلَخْ وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْفَاتِحَةِ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إنَاطَةِ السُّجُودِ بِتَرْكِ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ.

(ص) أَوْ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ كَتَشَهُّدٍ (ش) أَيْ: وَلَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ كَلَفْظِ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ جَلَسَ لَهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ كَالطِّرَازِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاتِهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَدَلِ إذَا كَانَتْ الْفَاتِحَةُ مِنْ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا سَهْوًا مِنْ رَكْعَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ رَبَاعِيَةٍ تَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى) التَّعْوِيلُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَلَا سُجُودَ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.
(قَوْلُهُ بِإِنْ كَانَ بَاقِيًا) يُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ مَا إذَا فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ دُونَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَجْلِ أَنْ يُنَاسِبَ قَوْلُهُ وَتَذَكَّرَهُ قَبْلَ مُفَارَقَةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْإِصْلَاحِ بِمُفَارَقَةِ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا يَفُوتُ) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ لَمْ يُسْتَنْكَحْ يَفُوتُ بِذَلِكَ) هَذَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِلَّا فَلَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا فِي السَّهْوِ وَإِلَّا رَجَعَ لِلْإِصْلَاحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِالْفَرَائِضِ مُطَلَّقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلْوَهْمِ.
(قَوْلُهُ فَتَفَكَّرْ قَلِيلًا) بَلْ وَكَذَا لَوْ طَالَ التَّفَكُّرُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ بِانْفِرَادِهِ لَا يُوجِبُ سُجُودَ سَهْوٍ وَتَطْوِيلُ التَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ السُّجُودُ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أُصُولُ الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَكِنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَأَمَّا بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ ذَلِكَ فَيَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ أَيْ أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ شَكِّهِ فِيهِ هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: سَجَدَ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ هَلْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِشَكِّهِ أَيْ صُورَةُ شَكِّهِ فَقَوْلُهُ أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا صُورَةُ شَكِّهِ فَلَيْسَتْ الْوَاحِدَةُ هِيَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ أَيْ: أَنَّ الْحُكْمَ إذَا شَكَّ هَلْ سَجَدَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ فَيَتَسَلْسَلُ) أَيْ فَتَحْصُلُ الْمَشَقَّةُ الْكُبْرَى وَلَا تَقُلْ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّ التَّسَلْسُلَ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ لَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ) أَيْ: يُكْرَهُ فَقَدْ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ لِتَغْيِيرِ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَالتَّخْلِيطِ عَلَى الْمُسْتَمِعِ إنْ كَانَ وَكَلَامُ الشَّارِحِ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّهْوِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب وَكَذَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ تَعَمُّدُ الْخُرُوجِ مِنْ رِوَايَةٍ كَانَ فِي آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ يُؤْذَنُ لَهُ بِمَعْنَى يُنْدَبُ.

(قَوْلُهُ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ طَاهِرًا يَسِيرًا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ نَجِسًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْعَطْفُ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت تَجِدُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ سُنَّ لِسَهْوٍ سَجْدَتَانِ بِنَقْصِ فَرْضٍ وَلَا يَسْجُدُ لِفَرِيضَةٍ وَالْمُنَاسِبُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ) وَعَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الْكُلِّ صَادِقٌ بِالْوُجُوبِ فِي الْجُلِّ وَالْوُجُوبِ فِي رَكْعَةٍ وَتَقَدَّمَ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ.

(قَوْلُهُ جَلَسَ لَهُ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَأَمَّا لَوْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ مُكَبِّرًا وَبِمُجَرَّدِ أَنْ اطْمَأَنَّ بِالرَّفْعِ مِنْهُ سَلَّمَ لَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ لَفْظَ التَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسَ لَهُ

الصفحة 316