كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

فُرْجَةً أَمَامَهُ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ حَيْثُ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى سَدِّهَا فَلْيَتَقَدَّمْ إلَيْهَا يَسُدُّهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرِقَ إلَيْهَا صُفُوفًا رِفْقًا وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ مَنْ رَفَعَ مِنْ رُكُوعٍ فَرَأَى فُرْجَةً مَشَى لِيَسُدَّهَا إنْ قَرُبَتْ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ بَعُدَتْ صَبَرَ حَتَّى يَسْجُدَ وَيَقُومَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَشُقُّ إلَيْهَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ صَفَّانِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ سَدَّ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةً وَبَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ بَيْتًا» .

(ص) أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِسُتْرَةٍ أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِهِ لِدَابَّتِهِ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا قَالَ فِيهَا فَإِنْ تَبَاعَدَتْ الدَّابَّةُ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَطَلَبَهَا قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا إذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ وَإِلَّا تَمَادَى وَإِنْ ذَهَبَتْ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَفَازَةٍ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ تَرَكَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيُّ (ص) وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ (ش) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ قَبْلَهُ كَمَا أَنَّ التَّحْدِيدَ بِالصَّفَّيْنِ فِيهَا جَمِيعًا وَالصَّوَابُ قَهْقَرَى بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ لَا بِتَائِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْمُؤَلِّفِ تَدَارُكُ مَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ خَلَلٍ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فِي اللَّفْظِ أَوْ فِي الْحُكْمِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ وَسَمِعَ بَعْضٌ أَنَّ ذَلِكَ لُغَةٌ.

(ص) وَفَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ عَلَى مُصَلٍّ فِي فَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَائِزٌ إنْ وَقَفَ وَاسْتَطْعَمَ، وَأَمَّا إنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى أُخْرَى فَيُكْرَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَلَا تَفْسُدُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَيْ وَاسْتَطْعَمَ أَوْ تَرَدَّدَ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ لَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا هِيَ فَيَجِبُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

(ص) وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ وَنَفْثٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخِنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَشْهَبُ إنْ كَانَ قَرِيبًا مَشَى إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَشَارَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ صُفُوفًا) هَذَا جَمْعُ كَثْرَةٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ أَفْرَادِ الْقِلَّةِ ثَلَاثَةٍ وَأَوْلَى أَقَلُّ.
(قَوْلُهُ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ) هَذَا قَوْلٌ آخَرُ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَايَةُ مَا حَدَّدَ فِيهِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّفِّ وَلَا بِأَكْثَرَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ كَالْأُولَى إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقُرْبَ بِالصَّفِّ وَالْبُعْدَ بِالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج اغْتِفَارُ مَا إذَا حَصَلَ مَشْيٌ لِكُلٍّ مِنْ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ كَمَسْبُوقٍ مَشَى لِفُرْجَةٍ ثُمَّ لِسُتْرَةٍ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي إصْلَاحِ الرِّدَاءِ مَعَ إصْلَاحِ السُّتْرَةِ اهـ.
وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اغْتِفَارِ أَزْيَدَ مِنْ اثْنَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا لَا يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) يَرْجِعُ هَذَا لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ وَيَكُونُ ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ الثَّلَاثَةَ مِثْلَ الِاثْنَيْنِ وَإِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ صَفَّانِ مَعْنَاهُ أَيْ: أَوْ ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ) وَمِثْلُ دَابَّتِهِ دَابَّةُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَسِيرًا) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ انْفَلَتَتْ دَابَّتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي مَشَى إلَيْهَا فِيمَا قَرُبَ إنْ كَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَطَعَ إنْ بَعُدَتْ وَطَلَبَهَا اهـ فَأَنْتَ تَرَاهَا قَيَّدَتْ بِالْقُرْبِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّتِهِ بَلْ كَذَلِكَ دَابَّةُ غَيْرِهِ وَمِثْلُ الدَّابَّةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ الْمَالُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الدَّابَّةِ.
(قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا أَيْ: يُضِرُّ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا فَلَا يَقْطَعُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَثِيرًا فَيَقْطَعُ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَمَّا إذَا ضَاقَ فَلَا يَقْطَعُ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا فَلَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ: هَلَاكًا أَوْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ وَالْمَالُ كَالدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ.
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَقْتِ الضَّرُورِيُّ) الظَّاهِرُ مَا هُوَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا (قَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ أَوْ قَهْقَرَةٍ) رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ يَضُرُّ وَلَوْ لِعُذْرٍ وَفِي الرُّعَافِ لَا يَضُرُّ مَعَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا هُنَا أَوْلَى قَالَهُ عج قَالَ عب هُوَ ظَاهِرٌ فِي ذَهَابِ الدَّابَّةِ لِلضَّرُورَةِ فَيَسْتَدْبِرُ لَهَا فَقَطْ دُونَ السُّتْرَةِ وَالْفُرْجَةِ وَدَفْعِ الْمَارِّ اُنْظُرْهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ بِجَنْبٍ أَيْ: يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَقَوْلُهُ أَوْ قَهْقَرَةٍ وَهِيَ الرُّجُوعُ إلَى خَلْفٍ وَوَجْهُهُ مُسْتَقْبِلٌ إمَامَهُ.
(قَوْلُهُ تَدَارُكُ) أَرَادَ بِهِ الْإِتْيَانَ بِالصَّوَابِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّدَارُكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الصَّوَابُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ إمَامِهِ وَهَذَا نَاظِرٌ لِمَفْهُومِ مَا سَيَأْتِي وَالْمُعْتَمَدُ مَفْهُومُ مَا هُنَا وَإِنَّهُ إنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فَاعْتِبَارُ مَفْهُومِ مَا هُنَا ارْتَضَاهُ عج وَارْتَضَى الشَّيْخُ سَالِمٌ مَفْهُومَ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ) أَيْ: مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ أَوْ السُّنَّةَ وَهَذَا فِي السُّورَةِ لِمَا يَأْتِي فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَطْعَمَ) أَيْ: طَلَبَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ كَوْنِهِ اسْتَطْعَمَ بِقَرِينَةٍ فَلَوْ جَهِلَ الْأَمْرَ فَلَا يُفْتَحُ عَلَيْهِ إذْ لَعَلَّةُ فِي فِكْرِهِ فِيمَا يَقْرَأُ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَرَدَّدَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ وَقَفَ أَيْ: أَوْ لَمْ يَقِفْ بَلْ تَرَدَّدَ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 6] {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7] أَيْ: فَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ الَّذِي بَعْدَ الْمُفْلِحُونَ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَرَّرَ آيَةً.
(قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ الْفَتْحُ إلَخْ) لَمَّا لَمْ يَعْلَمْ طَلَبَ الْفَتْحِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيُطْلَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُطْلَبُ) إمَّا سُنَّةٌ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الْفَتْحِ حُصُولُ سُنَّةٍ أَوْ نَدْبٌ إنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ حُصُولُ مَنْدُوبٍ كَإِكْمَالِ السُّورَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ) أَيْ: بِأَنْ انْتَفَى الْوَقْفُ وَالتَّرَدُّدُ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا أَوْ وَقَفَ وَلَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ الِاسْتِطْعَامَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَقَفَ أَوْ لَا بِأَنْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ إلَى غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ فِي الْفَاتِحَةِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَرَأَ لَهُ الْعَجْزُ عَنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَانْظُرْ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَ الْفَتْحَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ ائْتَمَّ بِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ لَا أَوْ يُفَصَّلُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي الْكُلِّ تَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَسَدِّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ) قَالَ عج السَّدُّ مَطْلُوبٌ

الصفحة 319