كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

كَانَتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا أَوْ لَا وَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَذَكَرَ قَصْدَ التَّفْهِيمِ بِهِ بِمَحَلِّهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَى مَا عَدَا التَّسْبِيحَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِالتَّسْبِيحِ فِي الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَضُعِّفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ بِحَدِيثِ التَّسْبِيحِ وَهُوَ قَوْلُهُ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ» ؛ لِأَنَّ مَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَقَوْلُهُ: «إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ أَيْ: لِلَّفْظِ الْعَامِّ فَقَدَّمَ الظَّاهِرَ عَلَى الْمُحْتَمَلِ انْتَهَى، أَيْ: قَدَّمَ ظَاهِرَ مَنْ نَابَهُ إلَخْ عَلَى مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا وَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَمًّا وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ الَّتِي هِيَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ.
ثُمَّ الْمُرَادُ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ وَلِذَا قَالَ (وَلَا يُصَفِّقْنَ) بِضَمِيرٍ جَمْعِ النِّسْوَةِ وَالْمُرَادُ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (ص) وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ (ش) أَيْ: وَلَا سُجُودَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مِنْ مَأْمُومٍ لِإِمَامِهِ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَإِمَامٍ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَفْقَهْ التَّسْبِيحَ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَ بَقِيَّتَهُمْ فَصَدَّقُوهُ أَوْ زَادَ أَوْ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَمْ يَفْقَهْ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ كَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِ إمَامِهِ نَجَاسَةً فَلْيَدْنُ مِنْهُ وَيُخْبِرْهُ كَلَامًا ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُخْلِفَ سَاعَةَ دُخُولِهِ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِمَا صَلَّى الْإِمَامُ السُّؤَالُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ وَمِنْ إمَامٍ بَعْدَ سَلَامٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِلَّا أَبْطَلَ إذْ فِعْلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ يُبْطِلُهَا كَثِيرُهُ.

(قَوْلُهُ كَانَتْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا) كَقَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ لِيُنَبِّهَ إمَامَهُ عَلَى سَهْوِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا كَإِنْذَارِهِ أَعْمَى خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ فِي حُفْرَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَجَرَّدَ لِلتَّفْهِيمِ) أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ لِمَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ سُبْحَانَ اللَّهِ.
(قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ إلَخْ) فَيُقَالُ قَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ تَسْبِيحٌ (قَوْلُهُ وَضُعِّفَ أَمْرُ التَّصْفِيقِ) أَيْ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ» (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَضُعِّفَ وَفِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَا تَقْتَضِي التَّضْعِيفَ وَبِعِبَارَةٍ فَإِنْ قُلْت الْقَاعِدَةُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ فَالْقِيَاسُ إخْرَاجُ النِّسَاءِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَيُصَفِّقْنَ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ مَالِكًا ضَعَّفَ الْعَمَلَ بِالتَّصْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ التَّسْبِيحَ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْلَى فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ حَدِيثُ هَيْئَةِ التَّصْفِيقِ وَإِنْ كَانَ صَحَّحَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لَا يَلْزَمُهُ تَصْحِيحُ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِيهِ قَادِحٌ لَمْ يَرَهُ الْمُصَحِّحُ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا التَّصْفِيقُ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَلْصِقِهِ الَّذِي فَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عب فَقَالَ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَضَعَّفَ مَالِكٌ أَمْرَ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ بِحَدِيثِ التَّسْبِيحِ إلَخْ هُوَ «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» وَمَنْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ.
(قَوْلُهُ يُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ) أَيْ ذَمِّ النِّسَاءِ بِارْتِكَابِهِنَّ التَّصْفِيقَ وَتَرْكِ التَّسْبِيحِ ثُمَّ إنَّ فِي هَذَا شَيْئًا وَهُوَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ يُفَسِّرُ بَعْضَهَا بَعْضًا وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلْيُصَفِّقْ النِّسَاءُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الذَّمَّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ إلَخْ) أَيْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ عَبَثًا لَا لِحَاجَةٍ لَهُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَكَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَصْلًا لَمْ يَضُرَّ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الْجِنْسُ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْأَةِ الْجِنْسُ كَذَلِكَ أَيْ الْمُتَحَقِّقُ فِي وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَا قَالَ وَلَا يُصَفِّقْنَ بِضَمِيرِ جَمْعِ النِّسْوَةِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ الْمُصَلِّي أَيْ: مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْأَةِ جِنْسُ الْمَرْأَةِ الْمُصَلِّيَةُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يُصَفِّقْنَ مُرَادًا مِنْهُ الْمُصَلِّيَةُ مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَصِيغَةُ الْجَمْعِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَنَتَكَلَّمُ عَلَى الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ أَنَّ التَّصْفِيقَ مَكْرُوهٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك، فَإِنْ قُلْت: إنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ عَلَى مَا فِيهِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ جَهْرِهَا بِالصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَبِالْإِقَامَةِ وَلَعَلَّهُ لِلضَّرُورَةِ هُنَا وَالْمُخْتَارُ فِي لَفْظِ التَّسْبِيحِ سُبْحَانَ اللَّهِ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ» وَصِفَةُ التَّصْفِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ أَنْ تَضْرِبَ بِظُهْرِ أُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى بَاطِنِ كَفِّهَا الْيُسْرَى، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّسْبِيحَ مُسْتَحَبٌّ وَغَيْرَهُ مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ جَائِزٌ عج (قَوْلُهُ وَكَلَامٍ إلَخْ) أَيْ: مِنْ إمَامٍ أَوْ مَأْمُومٍ أَوْ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا) لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّأْنَ فِي الْعَمْدِ عَدَمُ السُّجُودِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ السُّجُودُ نَعَمْ لَوْ قَالَ وَلَا خَلَلَ فِي كَلَامٍ قَلِيلٍ عَمْدًا غَيْرَ أَنَّ الْبَاعِثَ لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفْيِ السُّجُودِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ) أَيْ وَقَبْلَ السَّلَامِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّف بَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ (قَوْلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ) تَمْثِيلٌ لِمَا إذَا وَقَعَ الْكَلَامُ مِنْ الْمَأْمُومِ مَعَ أَنَّ هَذَا مُحْتَوٍ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَفْقَهْ التَّسْبِيحَ) أَيْ بِالتَّسْبِيحِ (قَوْلُهُ فَكَلَّمَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَلِذَلِكَ قَالَ فَسَأَلَ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَفْقَهْ أَيْ فَسَبَّحُوا لَهُ وَلَمْ يَفْقَهْ بِهِ (قَوْلُهُ فَلْيَدْنُ مِنْهُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ مَعَ أَنَّهُ شَرَطَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنْ لَا يَفْهَمَ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بِتَرَاجُعِهِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِإِرَاءَةِ النَّجَاسَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْفَى وَيُلْحَقُ مَا لَمْ يَخْفَ بِمَا خَفِيَ فَإِنْ قُلْت: هَلَّا اُكْتُفِيَ بِالْإِخْبَارِ بِدُونِ الدُّنُوِّ؟ قُلْت: إنَّهُ عِنْدَ الدُّنُوِّ لَا يُحْتَاجُ لِرَفْعِ صَوْتٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ السُّجُودِ شُرُوطٌ أَنْ لَا يُفْهَمَ إلَّا بِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بِتَرَاجُعِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ وَنَشَأَ شَكُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ.
(قَوْلُهُ يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُخْلِفَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَأْمُومٌ بِحَسَبِ الْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ فَيُكَلِّمُهُمْ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: كَمْ صَلَّى؟ وَلَمْ يَقُلْ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَيْسَ بِمَحَلِّ تَسْبِيحٍ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ: إذَا أَشَارَ لَهُمْ فَأَشَارُوا إلَيْهِ وَلَمْ يَفْهَمْ

الصفحة 321