كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا التَّمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ بَعْدَهُ كَانَ سَلَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ سَلَّمَ عَلَى شَكٍّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَالْمَشْهُورُ مَنْعُ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الشَّكِّ مُخَاطَبٌ بِالْيَقِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ السُّؤَالُ حَيْثُ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ قَبْلَ سَلَامِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّتُهُ وَكَذَا مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ بَعْدَ سَلَامِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ سَأَلَ بِالْكَلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا نَصَّ عَلَى عَدَمِ السُّجُودِ فِي الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ السَّلَامِ لِإِصْلَاحِهَا لَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ.

(ص) وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ لَا غَيْرَهُ مِنْ فَذٍّ وَمَأْمُومٍ إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ مِنْ مَأْمُومِيهِ بِالْإِتْمَامِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا فِيمَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا فِيهِ رَجَعَ لِيَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُمَا وَلَا وَلِأَكْثَرَ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَتْرُكُ يَقِينَهُ وَيَرْجِعُ لَهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوهُ بِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ.
وَتَقْرِيرُنَا صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ الْعَدْلَانِ بِالتَّمَامِ هُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَيَقُّنِهِ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ النَّقْصِ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَارَ شَاكًّا فِي النَّقْصِ بِسَبَبِ الْإِخْبَارِ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ أَوْ لَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ نَفْسِهِ بِلَا إخْبَارِ أَحَدٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ عَدَالَةٌ وَلَا أَنْ يَكُونُوا مَأْمُومِينَ حِينَئِذٍ.

(ص) وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ مُبَشَّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا حَمِدَ لِعُطَاسِهِ أَوْ بِشَارَةٍ بُشِّرَ بِهَا أَوْ اسْتَرْجَعَ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا لَا سُجُودَ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِشَارَةِ هَذَا إذَا قُرِئَ يَفْهَمُ مَنْ فَهِمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَأَ إذَا لَمْ يُفْهِمْ مِنْ أَفْهَمَ أَيْ: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إفْهَامُهُمْ السُّؤَالَ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ) مِنْ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ أَيْ: فَيَسْأَلُ غَيْرَهُمْ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي مِنْ مَأْمُومِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضِهِمْ أَيْ: يَسْأَلُ بَقِيَّتَهُمْ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إمَامٌ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلرَّدِّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ لَا يَكُونُ بِنَفْيِ السُّجُودِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِثْبَاتِ الْجَوَازِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّ حَدِيثَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الْكَلَامَ وَالْحَدِيثُ هُوَ «أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» .

(قَوْلُهُ مِنْ فَذٍّ وَمَأْمُومٍ) فَالْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ يَعْمَلَانِ عَلَى مَا قَامَ عِنْدَهُمَا كَانَ الْمَأْمُومُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَنْظُرَانِ لِقَوْلِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَيَرْجِعُ لَهُ وَيَتْرُكُ يَقِينَهُ (قَوْلُهُ مِنْ مَأْمُومِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الصَّلَاةِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ وَارْتَضَاهُ س فِي شَرْحِهِ وَكَتَبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمْ مَأْمُومِيهِ أَمْ لَا وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الرَّاجِحُ قَالَ فِي ك وَعَلَيْهِ يَنْظُرُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ وَكَذَا يَرْجِعُ لَهُمَا إنْ أَخْبَرَاهُ بِنَقْصٍ وَهُوَ مُسْتَنْكَحٌ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا) أَيْ: بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّيَقُّنِ هُنَا الْجَزْمُ لَا الْعِلْمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ فَالْأَوْضَحُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إلَخْ بَيَانًا لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ كَذِبَهُمَا (قَوْلُهُ رَجَعَ لِيَقِينِهِ) فَإِنْ عَمِلَ عَلَى كَلَامِهِمَا وَكَلَامِ نَحْوِهِمَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ثُمَّ إذَا عَمِلَ عَلَى يَقِينِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ لِقَوْلِهِمَا فَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالنَّقْصِ فَعَلَا مَعَهُ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِذَا سَلَّمَ أَتَيَا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ وَإِنْ كَانَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ فَكَإِمَامٍ لِخَامِسَةٍ فَيَأْتِي فِيهَا تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ) هَذَا التَّعْمِيمُ مُحَقَّقٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا جِدًّا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ أَخْبَرُو بِالتَّمَامِ أَوْ أَخْبَرُوا بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ تَيَقَّنَ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ أَوْ شَكَّ.
(قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ إلَخْ) فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ حَيْثُ تَعْدَادُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ وَهِيَ أَنَّك تَقُولُ: إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَ خَبَرِهِمَا بَلْ شَكَّ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ أَوْ بِالنَّقْصِ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَخْبَرَاهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
(قَوْلُهُ مُنْقَطِعٌ) وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ تَيَقَّنَ لَمْ يَرْجِعْ لِعَدْلَيْنِ وَلَا لِأَكْثَرَ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا.

(قَوْلُهُ لِعُطَاسِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ مَصْدَرٌ كَمَا هُوَ مُفَادُهُ فَهُوَ أَحَدُ الْمَصْدَرَيْنِ لِعَطَسَ وَالثَّانِي عَطْسٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الطَّاءِ إلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ وَالْعُطَاسُ بُخَارٌ فَيُنَافِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بُخَارٌ أَيْ: ذُو بُخَارٍ (قَوْلُهُ أَوْ بِشَارَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى لِعُطَاسِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَوْنِ الْحَمْدِ وَاقِعًا مِنْ الْمُبَشَّرِ بِفَتْحِ الشِّينِ وَبِشَارَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفِعْلُ بَشَّرَ وَالْمَصْدَرُ التَّبْشِيرُ، وَقَوْلُهُ بُشِّرَ بِهَا أَيْ: بِمُتَعَلِّقِهَا أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامًا أَطْلَقَ الْبِشَارَةَ أَوَّلًا بِمَعْنَى التَّبْشِيرِ، ثُمَّ رَجَعَ الضَّمِيرُ لَهَا بِمَعْنَى الْمُبَشَّرِ بِهِ، ثُمَّ إنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةً إلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ أَيْ بِعِلِّيَّةِ الْمَأْخَذِ الَّذِي هُوَ

الصفحة 322