كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

حَدِيثُ اللَّوْصِ رَوَاهُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ بِلَفْظٍ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَاللَّوْصِ وَالْعِلَّوْصِ» وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَجَعُ الضِّرْسِ وَقِيلَ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ وَالثَّانِي وَجَعُ الْأُذُنِ وَقِيلَ وَجَعُ الْمُخِّ وَالثَّالِثُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الثَّقِيلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ مِنْ التُّخَمَةِ وَحَدِيثُ الْعَاطِسِ خَرَّجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَادِ وَأَبُو عَلِيٍّ وَلَفْظُهُ «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا فَعَطَسَ عِنْدَهُ فَهُوَ حَقٌّ» وَخَرَّجَهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ إنَّهُ مُنْكَرٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَهُ أَصْلٌ أَصِيلٌ وَلَهُ شَوَاهِدُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مَرْفُوعًا «أَصْدَقُ الْحَدِيثِ مَا عُطِسَ عِنْدَهُ» وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ وَمُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ الْعُطَاسُ عِنْدَ الدُّعَاءِ» قَالَهُ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ.

(ص) كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ السُّجُودِ لَا فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَقَعَ مِنْهُ غَلَبَةً فَلَا يَتَّصِفُ بِجَوَازٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلِذَا حَسَنُ التَّشْبِيهُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ دُونَ الْعَطْفِ فَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ، وَأَمَّا الْبُكَاءُ الْمَسْمُوعُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ يُلْحَقُ بِالْكَلَامِ فَيُبْطِلُ عَمْدُهُ وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ غَلَبَةً وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ.
(وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) وَالْمُرَادُ بِالتَّخَشُّعِ الْخُشُوعُ فَلَيْسَ التَّفَعُّلُ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إظْهَارُ التَّخَشُّعِ فِي الصَّلَاةِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِالْغَلَبَةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْأَنِينِ وَالْبُكَاءِ أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ أَنَّ لِغَيْرِ وَجَعٍ أَوْ بَكَى لِغَيْرِ الْخُشُوعِ كَمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَكَالْكَلَامِ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَكَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ.

(ص) كَسَلَامٍ عَلَى مُفْتَرِضٍ (ش) أَيْ: وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي فِي فَرْضٍ وَلَا نَافِلَةٍ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا فِي الْجَوَازِ الْمَنْفِيِّ عَنْهُ السُّجُودُ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِمُصَلٍّ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَسْجُدُ وَلِذَا كَانَ الْمُنَاسِبُ مَا سَلَكَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ تَرْكِ الْعَاطِفِ وَلَوْ قَالَ عَلَى مُصَلٍّ بَدَلَ مُفْتَرِضٍ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَخْصَرَ.

(ص) وَلَا لِتَبَسُّمٍ (ش) أَيْ: لَا سُجُودَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ التَّبَسُّمَ حَرَكَةُ الشَّفَتَيْنِ فَهُوَ كَحَرَكَةِ الْأَجْفَانِ وَالْقَدَمَيْنِ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ انْبِسَاطُ الْوَجْهِ وَاتِّسَاعُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى مِنْ غَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ حَدِيثُ اللَّوْصِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَدِيثُ الشَّوْصِ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ «كَانَ آمِنًا مِنْ الشَّوْصِ» .
(قَوْلُهُ فِي الْبَطْنِ) أَيْ: وَإِذَا كَانَ الْوَجَعُ فِي الْبَطْنِ فَالْبَطْنُ مَوْجُوعَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ التُّخَمَةِ) مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ الْعُطَاسِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ شَأْنَ مَا كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي يَتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ حَقًّا أَنْ يُسْتَحَبَّ عِنْدَهُ الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ الْأَفْرَادِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ فَرْدٍ (قَوْلُهُ أَصِيلٌ) تَأْكِيدٌ لِأَصْلٍ أَيْ: أَصْلٍ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْقُوَّةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ شَوَاهِدُ) جَمْعُ شَاهِدٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُوَافِقُ فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَوَاهِدَ جَمْعٌ وَهَذَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْجِنْسَ (قَوْلُهُ عُطِسَ عِنْدَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَفِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ) اسْمُ كِتَابٍ.

(قَوْلُهُ كَأَنِينٍ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِالْأَنِينِ بِقَيْدِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْأَصْوَاتِ الْمُلْحَقَةِ بِالْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ فَفِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ) عِبَارَتُهُ صَوَابُهُ وَكَأَنِينٍ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى كَإِنْصَاتٍ إذْ هُوَ مِمَّا انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ اهـ.
وَحَاصِلُ رَدِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْجَائِزِ، وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّ هَذَا الْأَنِينَ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْمَرِيضِ تَارَةً يَصِلُ إلَى حَدِّ الْغَلَبَةِ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْمَلْجَأِ الِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَتَارَةً يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارٌ فِيهِ أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ) أَيْ: لَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَابِ الْخُشُوعِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْطُوقَ يَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ غَلَبَةً) وَأَمَّا إذَا كَانَ اخْتِيَارًا فَيُبْطِلُ وَسَكَتَ عَنْ السَّهْوِ فَهَلْ كَالْغَلَبَةِ لَا سُجُودَ فِيهِ أَوْ فِيهِ السُّجُودُ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) أَيْ: فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَلَبَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَكَالْكَلَامِ كَانَ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ وَكَانَ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِالْغَلَبَةِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ (قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ) أَيْ: فَإِذَا كَانَ عَمْدًا فَتَبْطُلُ وَكَذَا إنْ كَانَ غَلَبَةً (قَوْلُهُ وَكَثِيرُهُ وَقَلِيلُهُ) أَيْ: وَكَثِيرُ السَّهْوِ وَقَلِيلُهُ فَإِذَا كَانَ كَثِيرُ السَّهْوِ فَيُبْطِلُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلُهُ لَا يُبْطِلُ.
{تَنْبِيهٌ} : هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا صَوْتَ فِيهِ لَا يُبْطِلُ اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً تَخَشُّعًا أَمْ لَا وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الِاخْتِيَارِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبُكَاءَ إنْ حَصَلَ بِلَا صَوْتٍ لَا يُبْطِلُ مُطْلَقًا اخْتِيَارِيًّا أَوْ غَلَبَةً تَخَشُّعًا أَمْ لَا مَا لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ فِي الِاخْتِيَارِيِّ، وَأَمَّا بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ اخْتِيَارِيًّا أَبْطَلَ مُطْلَقًا كَانَ لِتَخَشُّعٍ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً إنْ كَانَ لِتَخَشُّعٍ لَمْ يُبْطِلْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَ شَرْحُ عب وَسَكَتَ عَنْ السَّهْوِ وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ إلَخْ) صَادِقٌ بِالسُّنَّةِ وَالْجَوَازِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ سُنَّةٌ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إشْغَالًا. .

(قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْعَمْدَ مَكْرُوهٌ) وَيَنْبَغِي إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْيَسِيرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَ سَهْوًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ حَيْثُ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَهَا فَلَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَإِنْ تَوَسَّطَ سَجَدَ فِي سَهْوِهِ كَمَا يَنْبَغِي وَانْظُرْ إذَا كَانَ عَمْدًا كَمَا فِي ك وَالشَّأْنُ أَنَّ مَا كَانَ السُّجُودُ فِي سَهْوِهِ فَالْبُطْلَانُ فِي عَمْدِهِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شَيْخَنَا عَبْدَ اللَّهِ كَتَبَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْبُطْلَانُ مُعَلِّلًا بِتِلْكَ الْعِلَّةِ (قَوْله بِأَنَّهُ انْبِسَاطٌ إلَخْ) لَيْسَ هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ بَلْ لَازِمٌ لَهُ (قَوْلُهُ مَعَ ظُهُورِ الْبُشْرَى) كَأَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ

الصفحة 325