كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

وَلَا إشْكَالَ فِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ فَتْحُهُ عَلَى الْإِمَامِ لِمَا وَرَدَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ كَانَ الْمَفْتُوحُ عَلَيْهِ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أَبْطَلُوا فِيهِ صَلَاتَهُ إذَا فَتَحَ عَلَى مَنْ هُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى مَوْجُودٌ هُنَا كَمَا أَشَارَ لِهَذَا الْبَرْمُونِيُّ فَاعْتُبِرَ مَفْهُومُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَتَحَ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ اهـ. وَارْتَضَاهُ هـ فِي شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّا شَرْحَنَا أَوَّلًا عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ مَا هُنَا تَبَعًا لِ س فِي شَرْحِهِ.

(ص) وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِسَبَبِ الْقَهْقَهَةِ وَهِيَ تَقَلُّصُ الشَّفَتَيْنِ مَعَ التَّكَشُّرِ عَنْ الْأَسْنَانِ عِنْدَ الْإِعْجَابِ مَعَ الصَّوْتِ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّحِكُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا لِكَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَبَةً فَذًّا كَانَ الْمُصَلِّي أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَكِنْ إنْ كَانَ فَذًّا قَطَعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ إمَامًا قَطَعَ أَيْضًا وَيَقْطَعُ مَنْ خَلْفَهُ أَيْضًا وَلَا يَسْتَخْلِفُ، وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ فِي النِّسْيَانِ وَالْغَلَبَةِ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ فِي شَرْحِهِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا قَطَعَ إنْ تَعَمَّدَهَا وَإِنْ نَسِيَ أَوْ غَلَبَهُ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ وَيُعِيدُ أَبَدًا هَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي يَضْحَكُ مُخْتَارًا وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ أَمْسَكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَصَلَ لَهُ الضَّحِكُ أَوَّلًا غَلَبَةً ثُمَّ تَمَادَى عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ تَرْكُهُ بَعْدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَمَادَى الْمَأْمُومُ الْوُجُوبُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لِلتَّمَادِي، وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَمَحَلُّ التَّمَادِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ فِي الَّتِي بَعْدَهَا وَهَذِهِ يَنْبَغِي قِيَاسُهَا عَلَى تِلْكَ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَرْمُونِيُّ.
(ص) كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ (ش) لَمَّا كَانَ لِلْمَأْمُومِ الْمُقَهْقِهِ حُكْمَانِ: الْبُطْلَانُ وَوُجُوبُ التَّمَادِي شَبَّهَ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ التَّمَادِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى الْمَأْمُومُ إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فِي أَيِّ رَكْعَةٍ أَدْرَكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ.
(قَوْلُهُ لِمَا وَرَدَ فِيهِ كَمَا مَرَّ) لَمْ يَمُرَّ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ تت فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَتْحٌ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ إلَخْ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فَلُبِّسَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَبِي أَصْلَيْت مَعَنَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا مَنَعَك» .
(قَوْلُهُ أَبْطَلُوا فِيهِ) هَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِفِي الظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ بِمَعْنَى بَاءَ السَّبَبِيَّةِ أَيْ: أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي أَبْطَلُوا بِسَبَبِهِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَالْمُحَادَثَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ: ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ فَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَتَحَ مَأْمُومٌ عَلَى مَأْمُومٍ مَعَهُ فِي صَلَاةِ.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ سُرُورًا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الْجَنَّةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ) مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ تَقَلَّصَ) أَيْ: تَبَاعَدَ (قَوْلُهُ مَعَ التَّكَشُّرِ) أَيْ بُدُوِّ الْأَسْنَانِ وَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْقَهْقَهَةُ كُلَّمَا صَلَّى فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَالَتِهِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلَا يُقَدِّمُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تُلَازِمُ فِي إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ أَوْ يُؤَخِّرُ أَشَارَ لَهُ عج وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ كُلٍّ مَنْ إذَا صَامَ عَطِشَ أَوْ جَاعَ بِحَيْثُ لَا يَصْبِرُ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ الضَّحِكُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الضَّحِكَ لَيْسَ مَعَهُ صَوْتٌ فَيَكُونُ التَّبَسُّمُ عَيْنَ الضَّحِكِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُزُولِيُّ فَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: التَّبَسُّمُ هُوَ الضَّحِكُ وَانْشِرَاحُ الْوَجْهِ وَإِظْهَارُ الْفَرَحِ اهـ.
وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِهَا الضَّحِكُ عَلَى وَجْهَيْنِ بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ وَبِصَوْتٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَهَا وَلَمْ يَعُدْ الْوُضُوءُ اهـ. وَمَا تَقَدَّمَ لَهُ يُفِيدُ الْمُبَايَنَةَ بَيْنَ التَّبَسُّمِ وَالضَّحِكِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ.
(قَوْلُهُ قَطَعَ مُطْلَقًا) أَيْ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا) وَأَعَادَ أَبَدًا وَهَلْ يُعِيدُ مَأْمُومُهُ أَيْ: فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا) رَعْيًا لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ فِي الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمُدَّةِ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا لَا فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَأَنْ ضَحِكَ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ وَانْقَطَعَ الضَّحِكُ فَالْمَعْنَى وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِأَنْ كَانَ الضَّحِكُ فِيهَا غَلَبَةً مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا وَكَذَا فَاعِلُهُ نِسْيَانًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ أَوْ آخِرَهَا قَطَعَ وَابْتَدَأَ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ ثُمَّ نَقُولُ إنَّهُ اعْتَمَدَ فِي الْوُجُوبِ لِلظَّاهِرِ لَا لِنَصٍّ مَعَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ فَقَالَ الزَّنَاتِيُّ تَمَادَى وُجُوبًا وَأَعَادَ اسْتِحْبَابًا.
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: تَمَادَى اسْتِحْبَابًا وَأَعَادَ وُجُوبًا قَالَ مُحَشِّي تت وَقَوْلُ الزَّنَاتِيِّ بَعِيدٌ اهـ. عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ يَتَمَادَى وُجُوبًا إلَّا بِضَمِيمَةِ أَنَّهُ مِنْ مَسَاجِينِ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ التَّمَادِي فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ) وَيُقَيِّدُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ بِتَمَادِيهِ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا قَطَعَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَى بَقَائِهِ ضَحِكُ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ بِظَنِّ ذَلِكَ فَمَجْمُوعُ الْقُيُودِ أَرْبَعَةٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا وَاحِدًا وَالشَّارِحُ وَاحِدًا وَذَكَرْنَا الْبَقِيَّةَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ نَاسِيًا وَالْكَلَامِ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ لَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهَا فِي الصَّلَاةِ فَمُنَافَاتُهَا أَشَدُّ وَالْكَلَامُ مَشْرُوعٌ جِنْسُهُ فِيهَا كَالْكَلَامِ لِإِصْلَاحِهَا (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ لِئَلَّا تَفُوتُهُ.
(قَوْلُهُ شَبَّهَ فِي الثَّانِي مِنْ الْحُكْمَيْنِ وَهُوَ التَّمَادِي) أَيْ: وُجُوبُ التَّمَادِي أَيْ: بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ تَشْبِيهٌ

الصفحة 327