كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

بِقَهْقَهَةٍ أَيْ: وَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِمُلَابَسَةٍ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ كَحَقْنٍ أَيْ: مَحْصُورٍ بِبَوْلٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ أَوْ غَثَيَانٍ مَنَعَهُ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا هُوَ فَرْضٌ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّفَلَ الْمَحْدُودَ الَّذِي لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا لَا وَقْتَ لَهُ مُعَيَّنٌ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ هَذَا وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ فَضِيلَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَعَنْ سُنَّةٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ أَشْغَلَهُ عَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُ وَقَوْلُهُ وَعَنْ سُنَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُشْغِلٍ الْمُقَدَّرُ وَالتَّقْدِيرُ وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ بِمُشْغِلٍ عَنْ سُنَّةٍ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَكُلُّ هَذَا هُرُوبٌ مِنْ عَطْفٍ عَنْ سُنَّةٍ عَلَى عَنْ فَرْضٍ الْمُتَسَلِّطُ عَلَيْهِ الْبُطْلَانُ فَيَتَنَاقَضُ الْكَلَامُ، وَمُشْغِلٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَشْغَلَ رُبَاعِيًّا وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ شَاغِلٌ لَكِنْ نَقَلَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَصَدَّرَ بِأَنَّهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ وَثَنَّى بِالْقَوْلِ بِأَنَّهَا لُغَةٌ قَلِيلَةٌ وَثَلَّثَ لُغَةٌ بِأَنَّهَا رَدِيئَةٌ.

(ص) وَبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ لَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مُتَيَقَّنَةٍ سَهْوًا كَالثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا أَقَلَّ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَمَّا الثُّنَائِيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ كَالصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهَا زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْمَقْصُورَةِ رَعْيًا لِأَصْلِهَا فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرُّبَاعِيَّةَ هِيَ الْأَصْلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجُمُعَةَ يُبْطِلُهَا رَكْعَتَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَقِينِ مَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَمَّا النَّافِلَةُ الْمَحْدُودَةُ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ.

(ص) وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَةً عَمْدًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِمُلَابَسَةِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْمُبْطِلَ إنَّمَا هُوَ مُلَابَسَةُ الْمُشْغِلِ عَنْ الْفَرْضِ لَا ذَاتُهُ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَلَا تُفْهَمُ أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي بِمُشْغِلٍ لِلْمُلَابَسَةِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ مُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ) أَيْ بِحَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِهِ عَلَى حَالَةٍ غَيْرِ مُرْضِيَةٍ بِأَنْ يَضُمَّ وِرْكَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ وَلَا يَأْتِي بِالصَّلَاةِ إلَّا بِصُعُوبَةٍ شَدِيدَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِهَا بِالْمُشْغِلِ إذَا دَامَ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ ثُمَّ زَالَ فَلَا إعَادَةَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ.
(قَوْلُهُ أَيْ مَحْصُورٍ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَيْ: حُصِرَ، وَأَمَّا مَحْصُورٌ فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْحَاقِنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاقِنَ هُوَ الْمَحْصُورُ بِالْبَوْلِ وَالْحَاقِبُ هُوَ الْمَحْصُورُ بِالْغَائِطِ وَالْمَحْصُورُ بِهِمَا يُقَالُ لَهُ حَاقِمٌ وَأَمَّا الْمَحْصُورُ بِالرِّيحِ فَيُقَالُ لَهُ حَازِقٌ كَذَا فِي الْخَطِيبِ عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَازِقَ هُوَ الَّذِي ضَاقَ خُفُّهُ فَخَرَجَ قَدَمُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّيحِ حَافِزٌ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَثَيَانٍ) هُوَ ثَوَرَانُ النَّفْسِ وَانْدِفَاعُ الْأَمْعَاءِ إلَى خَارِجٍ فَيَصِيرُ مُشْرِفًا عَلَى التَّقَايُؤِ وَلَا يَتَقَايَأُ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ) ضَرُورِيًّا كَانَ أَوْ اخْتِيَارِيًّا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ) كَذَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا دَاخِلٌ عَلَى إتْيَانِهِ بِالسُّنَّةِ قَالَهُ الْبَدْرُ وَقَالَ الْبَدْرُ أَيْضًا وَبِمُشْغِلٍ عَنْ سُنَّةٍ أَيْ: بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ كَمَا فِي س بِالْقَطْعِ وَخَرَجَتْ الْفَضِيلَةُ.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّرَ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ مُتَعَلِّقًا بِيُعِيدُ) أَيْ: يُقَدِّرُ لَفْظَ بِمُشْغِلٍ وَذَلِكَ الْمُقَدَّرُ مُتَعَلِّقٌ بِيُعِيدُ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ إلَخْ) أَيْ: مُشْغِلٌ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْفَصِيحُ شَاغِلٌ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ: فِي مُشْغِلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ كَلَامِهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُشْغِلٍ كَوْنُهُ مِنْ أَشْغَلَ اسْمُ فَاعِلٍ قِيَاسًا فَكَيْفَ يَقُولُ إنَّهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت الْقَامُوسَ جَعَلَ اللُّغَاتِ ثَلَاثًا فِي أَشْغَلَ وَنَصُّهُ وَأَشْغَلَهُ لُغَةٌ جَيِّدَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (أَقُولُ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَوْ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ كَالثُّلَاثِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ اثْنَتَيْنِ قَالَ فِي ك وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ الْمَغْرِبُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا بَلْ بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ كَالرُّبَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ وَبِكَوْنِهَا لَا تُعَادُ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَوِيَ أَمْرُهَا بِهَذَا الْمُوجِبِ قَالَ عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ هُنَا رَفْعُ الرَّأْسِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فِي ثَامِنَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ سَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ فِي رَابِعَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ بَطَلَتْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ) أَيْ: مُقَابِلِ فَرْضِ يَوْمِهَا وَهُوَ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ) أَيْ: كَوْنُهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي إلَخْ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُفَارِقُ الشَّكُّ الْيَقِينَ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ أَجْزَأَهُ سُجُودُ السَّهْوِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ تَيَقُّنِهَا وَإِذَا كَثُرَ الشَّكُّ لَهِيَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهُ بِرَكْعَتَيْنِ) وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صِفَةِ الْكُسُوفِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا النَّافِلَةُ غَيْرُ الْمَحْدُودَةِ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُهُ بِرَكْعَتَيْنِ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا سَهْوًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ فِي نَافِلَةٍ رَجَعَ وَلَا يُكْمِلُهُ سَادِسَةً وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَادَّةُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي النَّافِلَةِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ الْخَامِسَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ. مِنْ عب وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عج وَسَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَتِمُّ بِهِ الْمُرَادُ فِي حَاشِيَةِ عب (قَوْلُهُ فَلَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ النَّفَلَ الْمَحْدُودَ يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كَوْنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً وَاحِدَةً أَمْرٌ غَيْرُ غَالِبٍ وَالْكَثِيرُ إمَّا رَكْعَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَمَّا زَادَ فِي الْوَتْرِ وَاحِدَةً رَجَعَ لِمَا هُوَ الْغَالِبُ وَالرَّكْعَتَانِ هُمَا مِنْ الْغَالِبِ فَيُبْطِلُهُمَا مِنْ الزِّيَادَةِ مَا يُبْطِلُ غَيْرَهُمَا مِنْ الْغَالِبِ حِينَئِذٍ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ عَمْدًا) أَيْ: أَوْ جَهْلًا وَهَذَا فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ الْمَحْدُودِ كَالشَّفْعِ وَانْظُرْ

الصفحة 329