كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

فَإِنَّهَا تَبْطُلُ فَقَوْلُهُ كَسَجْدَةٍ أَيْ: مِنْ كُلِّ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا مَدْخُولَ الْكَافِ رُكْنًا فِعْلِيًّا لَا مُطْلَقَ فِعْلٍ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ قَوْلُهُ أَوْ نَفْخٍ إلَخْ مَعَهُ وَخَرَجَ بِتَمْثِيلِهِ بِالرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ الْقَوْلِيُّ كَتَكْرِيرِ الْفَاتِحَةِ وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الذِّكْرِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ وَاعْتَمَدَ (هـ) فِي شَرْحِهِ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَيْضًا.

(ص) أَوْ نَفْخٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ النَّفْخِ مِنْ الْفَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مِنْ الْأَنْفِ قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبْطَالِ بِالنَّفْخِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا وَالْمُخَالِفُ اهـ وَكَأَنَّ مُرَادُهُ بِبَعْضِ عُلَمَائِنَا ابْنُ قَدَّاحٍ؛ لِأَنَّ الْأَبِيَّ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ النَّفْخَ الَّذِي هُوَ كَالْكَلَامِ مَا نَطَقَ فِيهِ بِأَلْفٍ وَفَاءٍ اهـ.

(ص) وَبِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ قَيْءٍ (ش) أَيْ وَكَذَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ إخْرَاجِ الْقَيْءِ أَوْ الْقَلْسِ لِتَلَاعُبِهِ.

(ص) أَوْ كَلَامٍ وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَلَامَ أَيْ: الصَّوْتَ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ أَمْ لَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إذَا وَقَعَ عَمْدًا وَإِنْ قَلَّ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مُكْرَهًا اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَمْ لَا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِتَخْلِيصِ أَعْمَى وَنَحْوِهِ مِنْ مَهْوَاةٍ أَوْ لِإِجَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
(ص) إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمُّدُ الْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِإِصْلَاحِهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّسْبِيحِ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ الصَّلَاةَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُعْرِضٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْكَثْرَةِ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْإِصْلَاحِ وَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ.

(ص) وَبِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ وَهَلْ اخْتِلَافٌ أَوْ لَا لِلسَّلَامِ فِي الْأُولَى أَوْ الْجَمْعِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِوُقُوعِ السَّلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ سَهْوًا وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ الشُّرْبِ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي هَكَذَا وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ لِمَالِكٍ أَيْضًا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي إنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ بَلْ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ فَهَلْ مَا فِي أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مُنَاقِضٌ لِمَا فِي الْآخَرِ مِنْهَا إذْ الْمُنَافِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَاصِلٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ فَالْحُكْمُ بِالْبُطْلَانِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ دُونَ الْآخَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرَهُ هَذَا مُلَخَّصُ عج (قَوْلُهُ مَدْخُولَ الْكَافِ) أَيْ: مَا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ.
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ) ظَاهِرُهُ تَقَدَّمَ فِي مُطْلَقِ الذِّكْرِ خِلَافٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ إنَّمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي خُصُوصِ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ أَيْضًا) لَفْظُ أَيْضًا مُرْتَبِطٌ بِفَاعِلِ اعْتَمَدَ أَيْ وَاعْتَمَدَ أَيْضًا كَمَا اعْتَمَدْنَا فِي قَوْلِنَا وَالظَّاهِرُ لَا تَبْطُلُ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ النَّفْخَ فِيهِ حُرُوفٌ هِيَ كَالْكَلَامِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْأَنْفِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرُوفَ فِيهِ.
(فَإِنْ قُلْت) مَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَى أَلِفٍ وَفَاءٍ قُلْت مَا خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ؛ لِأَنَّ الْمَخَارِجَ الَّتِي لِلْحُرُوفِ لَيْسَ هِيَ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْأَنْفِ.
(فَإِنْ قُلْت) الصَّوْتُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْحَرْفِ يُبْطِلُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ كَلَامٍ قُلْت الصَّوْتُ خَارِجٌ مِنْ مَحَلِّ الْكَلَامِ بِحُرُوفٍ بِخِلَافِ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَنْفِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الْأَنْفِ بِغَيْرِ الْعَبَثِ فَإِنْ عَبِثَ جَرَى عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ اهـ. قَالَهُ عج (قَوْلُهُ وَالْمُخَالِفُ) أَيْ: خَارِجُ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ أَوْ شُرْبٍ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ أَنْفٍ مَا لَمْ يَكُنْ غَلَبَةً قَالَهُ عج وَتَبْطُلُ إذَا وَجَبَ أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ لِإِنْقَاذِ نَفْسِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَلَوْ خَشِيَ خُرُوجَ الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الصَّوْتَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ بِالْكَلَامِ حَقِيقَتَهُ بَلْ مُطْلَقَ الصَّوْتِ سَوَاءٌ اشْتَمَلَ عَلَى حَرْفٍ فَأَكْثَرَ أَمْ لَا فَإِذَا نَهَقَ كَالْحِمَارِ أَوْ نَعَقَ كَالْغُرَابِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَفِي إلْحَاقِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ الْكَلَامَ (قَوْلُهُ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ مُكْرَهًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ أَنَّ مَا يَتْرُكُ مِنْهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَيُؤْتِي بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكَلَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَنِسْيَانِهِ أَنَّ النَّاسِيَ لَا شُعُورَ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ الْأَعْمَى أَيْ: مِنْ صَغِيرٍ وَمُصْحَفٍ وَمَالٍ وَدَابَّةٍ كَمَا فِي ك فَلَوْ أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ الْكَافَ عَلَى قَوْلِهِ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى لَشَمِلَ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ الْكَلَامُ لِتَلَفِ الْمَالِ مُطْلَقًا حَيْثُ خَشِيَ بِتَلَفِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ أَوْ الْمَشَقَّةَ الشَّدِيدَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ فَإِنْ كَثُرَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَادِي فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّمَادِي وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْكَلَامُ وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ مِنْ مَهْوَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ حُفْرَةٍ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ دِيَةَ خَطَأٍ كَذَا وَجَدْت وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أَوْ لِإِجَابَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ) أَيْ: كَمَا كَانَ يَقَعُ لِلْمُرْسِي مِنْ اجْتِمَاعِهِ بِهِ فِي الْيَقِظَةِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا تَبْطُلُ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ لَا مِنْ خُصُوصِ قَوْلِهِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْفَاذِ أَعْمَى) لَعَلَّ عَطْفَهُ عَلَى ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا وَاجِبٌ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكَلَامٍ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) وَأَوْلَى بِكَثِيرٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِهَا.
وَأَقُولُ بَلْ وَلَوْ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ وَكَذَا كَثِيرُ فِعْلِ جَوَارِحٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا كَفِعْلِ قَلْبٍ حَيْثُ لَا يَدْرِي مَعَهُ قَدْرَ مَا صَلَّى مِنْ عب.

(قَوْلُهُ وَبِسَلَامٍ) أَيْ: مِنْ صَلَاتِهِ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ النُّطْقَ بِهِ (قَوْلُهُ وَرُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: مَعَ السَّلَامِ (وَقَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي) أَيْ: تَعَدُّدِهِ ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ) أَيْ: وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَعَدُّدِهِ وَاتِّحَادِهِ) أَيْ: فَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَيْ: وَلَا بِالْأَكْلِ مَعَ الشُّرْبِ وَالسَّلَامُ وَأَوْلَى وُجُودُ أَمْرَيْنِ بَلْ يُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَتَبْطُلُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالسَّلَامِ أَيْ: أَوْ السَّلَامِ أَيْ: وَبِالْأَكْلِ وَحْدَهُ وَبِالشُّرْبِ وَحْدَهُ

الصفحة 330