كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 1)

كَرَكْعَةٍ وَنَحْوِهَا وَيَشْمَلُ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ هَذَا هُوَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنَّ الِانْحِنَاءَ الْمَذْكُورَ يُفِيتُ الْقَطْعَ وَالدُّخُولَ مَعَ الْإِمَامِ وَمَا فِي الشَّارِحِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ وَقَدْ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَصَوَابُهُ الثَّالِثَةُ وَقَوْلُنَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَلَاتَيْنِ مَعًا إنَّمَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَةِ إقَامَةِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا هُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ إلَّا أَنْ يُتِمَّ رَكْعَتَيْنِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا حِينَئِذٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُفَوِّتُ بِالِانْحِنَاءِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الرَّكْعَتَيْنِ مُفَوِّتٌ لِلْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ لِلثَّالِثَةِ وَإِنَّمَا مَشَى الْمُؤَلِّفُ فِي هَذِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ قَصْدًا لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَهُوَ لِأَجْلِهِ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ ضَبَطَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ بَعْضٌ إقَامَةَ مَغْرِبٍ عَلَى أَنَّ ذَكَرَ فِعْلٌ مَاضٍ وَبَعْضٌ فَاعِلُهُ وَإِقَامَةً مَفْعُولُهُ وَهُوَ تَكَلُّفٌ مُنْقِصٌ لِفَرْدٍ مِنْ النَّظَائِرِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَغْرِبِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حُكْمَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا.

(ص) وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ سَلَّمَ بَنَى إنْ قَرُبَ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أَوْلَى إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَتَدَارَكُ مَا فَاتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ سَلَامٌ إنْ كَانَ النَّقْصُ مِنْ الْأَخِيرَةِ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ سَلَامٌ فَاتَ التَّدَارُكُ لِلْأَبْعَاضِ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَأَلْغَى رَكْعَةَ النَّقْصِ إنْ قَرُبَتْ مُفَارَقَتُهُ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا يَأْتِي فَإِنْ انْضَمَّ إلَى سَلَامِهِ بُعْدٌ أَوْ خُرُوجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ لِحُصُولِ الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إمَّا لِلْعَطْفِ التَّفْسِيرِيِّ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَ حَرْفِ التَّفْسِيرِ عَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَيْ: الْقُرْبُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ تَارِكًا لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ إنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ وَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ أَيْ: وَبَنَى إنْ قَرُبَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا وَالْقُرْبُ مَحْدُودٌ بِالْعُرْفِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَفِي حَدِّ الْبِنَاءِ قَوْلَانِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ الْمَحَلُّ الْمَحْصُورُ فَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ مَحَلٍّ مَحْصُورٍ كَالصَّحْرَاءِ مَثَلًا فَبِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِي الْمَسْجِدِ طُولٌ جِدًّا بِالْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ.

(ص) بِإِحْرَامٍ وَلَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ (ش) هَذَا بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْبِنَاءِ يَعْنِي إذَا بَنَى مَعَ الْقُرْبِ وَلَوْ جِدًّا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ أَيْ: بِتَكْبِيرٍ وَنِيَّةٍ وَيُنْدَبُ لَهُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ حِينَ شُرُوعِهِ فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ: نِيَّةِ إتْمَامِ مَا بَقِيَ وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا اتِّفَاقًا وَإِذَا قِيلَ بِالْإِحْرَامِ فَهَلْ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ لِتَحْصُلَ لَهُ النَّهْضَةُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ صَاحِبِ اللُّبَابِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ لَا يَجْلِسُ وَيَتَمَادَى عَلَى حَالِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ إلَى الرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ أَمْ لَا وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ.

ص (وَجَلَسَ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ش أَيْ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوَاتِ التَّلَافِي كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَمِنْ فَرْضٍ.
{تَنْبِيهٌ} : يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضٌ سِتَّ صُوَرٍ وَهِيَ مِنْ فَرْضٍ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ فِي نَفْلٍ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَفِي السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ ثَلَاثٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا أُقِيمَتْ الْمَغْرِبُ) إشَارَةً لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ أَيْ: وَمُقْتَضَى إقَامَةُ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا مِنْ الْقَطْعِ وَالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَقْطَعُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ فَسَقَطَ تَحَيُّرُ بَعْضِهِمْ فِي عَطْفِهِ عَلَى مَاذَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَنْحَنِ فَلَا يَفُوتُ مَا يَقْتَضِيه إقَامَتُهَا عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا فَيَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ ضَبَطَ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَيَدَّعِي أَنَّ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِقَامَةُ مَغْرِبٍ زَائِدَةٌ أَوْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي نُسْخَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مَا يُعَدُّ خُرُوجًا عُرْفًا فَالْخَارِجُ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ لَا يُعَدُّ خُرُوجًا عُرْفًا وَهَذَا إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَسَيَأْتِي الشَّارِحُ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ آخِرَ الْعِبَارَةِ.
(قَوْلُهُ فَبِأَنْ يَنْتَهِيَ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَرَى أَفْعَالَ الْإِمَامِ وَلَا الْمَأْمُومِينَ وَلَا يَسْمَعُ قَوْلَهُ وَلَا قَوْلَهُمْ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَحْصُلُ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْإِمَامِ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ فِعْلِ الْمَأْمُومِينَ أَوْ سَمَاعِ قَوْلِهِمْ.
(قَوْلُهُ أَوْ صَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَوْ صَلَّى بِأَوْ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْهَمْزَةِ بِأَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا وَصَلَّى بِإِزَاءِ الْبَابِ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ) إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِتَرْكِهِ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ ذَكَرَ الْإِحْرَامَ أَوَّلًا بِمَعْنًى وَهُوَ النِّيَّةُ وَالتَّكْبِيرُ وَرَجَعَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ التَّكْبِيرُ وَحُكْمُ التَّكْبِيرِ وَحْدَهُ إمَّا الْوُجُوبُ أَوْ السُّنِّيَّةُ كَذَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب وَالظَّاهِرُ السُّنِّيَّةُ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَوَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ النَّهْضَةُ) أَيْ: الْقِيَامُ نَهَضَ قَامَ وَبَابُهُ قَطَعَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ) أَيْ التَّحَرُّكَ لِلرُّكْنِ وَهُوَ الْقِيَامُ مَقْصُودٌ أَيْ: التَّحَرُّكُ لِلْقِيَامِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ رُكْنًا لِلصَّلَاةِ مَقْصُودٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقِيَامُ مَقْصُودًا لِلصَّلَاةِ ابْتِدَاءً.

(قَوْلُهُ وَجَلَسَ) أَيْ: وُجُوبًا عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِوَاجِبٍ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ

الصفحة 337