كتاب لسان الميزان (اسم الجزء: 1)

سمعت أبا العتاهية يقول بينا أنا أطوف بالبيت إذ قلت يا رب اغفر لي فسمعت قائلا يقول لا ولا كرامة ألست القائل:
والله لولا أن أخاف الردى ... لقلت لبيك وسبحانك
وهذا بيت من جملة أبيات قالها متغزلا في عتبة جارية المهدي وله فيها أشعار كثيرة وأخباره معها مشهورة وكان في أول امره يتشطر ثم تشاغل بالشعر ومدح المهدي والرشيد ثم تزهد وتاب عن نظم الشعر وشعره سائر مات في خلافة المأمون وقد جمع أبو عمر بن عبد البر زهديات أبي العتاهية في مجلد كبير وذكر المسعودي في المروج له ترجمة حاصلها أنه كان في أول أمره يبيع الخزف ثم نظم الشعر ومدح المهدي فأعجبه وصار يتغزل في جارية من قصر المهدي اسمها عتبة وذكر نحو ما تقدم وأنشد له أشعارا كثيرة منها ما لا يدخل في العروض وذكر عنه أنه كان يقول أنا أكبر من العروض يعني أنه نظم الشعر قبل أن يصنف الخليل كتاب العروض وقال ابن الجوزي في المنتظم إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان أبو إسحاق العنزي1 المعروف بأبي العتاهية ولد في سنة ثلاثين ومائة وأصله من عين التمر ونشأ بالكوفة ثم سكن بغداد وعمل الشعر في المدح والهجاء والغزل ثم تنسك وصار يقول في الوعظ والزهد ثم ذكر قصته مع عتبة مطولة وذكر أنه أنشد المهدي قصيدة2 مدحه بها بحضرة الشعراء ومن جملتهم بشار بن برد فافتتحها بالتغزل في عتبة:
ألا ما لسيدتي ما لها ... أدلت فاحمل أدلالها
فقال بشار أرأيتم أجسر من هذا ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع
__________
1 بفتح العين المهملة والنون وبعدها زاي هذه النسبة إلى عنزة بن ربيعة كذا في وفيات الأعيان لابن خلكان 12 زين العابدين.
2 الجرار تاريخ ابن خلكان.

الصفحة 427