كتاب المدخل إلى الصحيح للحاكم - ط دار الإمام أحمد (اسم الجزء: 1)

فإذا كان الحال على ما وصفنا بان للمتأمل من أهل الصنعة أن كتابيهما لا يشتملان على كل ما يصح من الحديث، وأنهما لم يحكما أن من لم يخرجاه في كتابيهما مجروح أو غير صدوق.
ومما يدلنا عليه أن محمد بن إسماعيل البخاري قد صنف أسامي المجروحين في جملة رواة الحديث في أوراق يسيرة لا يبلغ -إن شاء الله- عددهم إلا أقل من سبعمائة رجل، فإذا أخذنا سبعمائة للجرح وألفًا وخمسمائة وأكثر للتعديل في كتابه بقي على ما ذكر أبو علي نيف وثلاثون ألف رجل بين الباب والدار.
لا نقول هكذا بل نقول -بتوفيق الله-: إن أئمة النقل قد فرقوا بين الحافظ والثقة والثبت والمتقن والصدوق، هذا في التعديل، ثم في الجرح فرقوا بين الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والكذاب في حديث الناس، ثم الكذاب في لقي الشيوخ، ثم كثير الوهم، وسيء الحفظ، والمتهم في الرواية، والمتهم في الدين، والصدوق إذا أكثر الرواية عن الكذابين وكثر المناكير في حديثه.
سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: قال لي يحيى بن سعيد القطان: لو لم أرو إلا عن كل من أرضى لم أرو إلا عن خمسة، فيحيى بن سعيد في إتقانه وكثرة شيوخه يقول مثل هذا القول، ويعني بالخمسة الشيوخ الأئمة الحفاظ الثقات الأثبات.
سمعت أبا علي الحافظ يقول: أنا الهيثم بن خلف، أنا محمود بن غيلان، ثنا عبد العزيز بن أبي رزمة، ثنا ابن المبارك، عن سفيان الثوري،

الصفحة 142