كتاب مناقب الشافعي للبيهقي (اسم الجزء: المقدمة)
وفي ثنايا الكتاب نجد أخباراً بعدول الشافعي عن هذا الرأي. كأن يجى في سير الكلام ٣/ ٢٣ «قال الربيع: قد رجع الشافعي عن خيار الرؤية، وقال: لا يجوز خيار الرؤية» ومحال أن تصدر من الشافعي هذه العبارة وأمثالها. كما لا يستطيع أحد أن ينكر أن في الأم مذهب الشافعي بقوله وعبارته، فالظاهر أنها أمال أملاها الشافعي في حلقته، كتبها عنه تلاميذه، وأدخلوا عليها تعليقات من عندهم، واختلفت روايتهم بعض الاختلاف. والذي بين أيدينا منها رواية الربيع المرادي عن الشافعي».
* * *
ماذا أقول في نقض هذا الكلام المدخول، الذي تزورّ عنه العقول؟ ولست أدري كيف طوعت للدكتور نفسه أن يقول: إنه لا يستطيع أحد أن يقول إن «الأم» من تأليف الشافعي؛ لأن في مطالع فصوله عبارة لا يمكن أن تخطها يمين الشافعي أثناء تأليفه له، وهي عبارة: «أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعي» ولأنه تتردد في ثناياه عبارة أخرى، محال أن تصدر من الشافعي وهي عبارة: «قال الربيع»!!!
ولست أرتاب في أن «أهم دليل» لدى الدكتور لا يقبله من له أدني إلمام بالكتب القديمة، وطريقة الأقدمين في روايتها، وكل من قرأ فيها يعلم علم اليقين أن وجود عبارة «أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي» في أول الكتاب أو في داخله مرة أو مرات - دليل ناصع على أنه من تأليف الشافعي، وأن هذه النسبة قد ازدادت وثاقة ومتانة برواية الربيع عن الشافعي، ثم برواية تلميذ الربيع عن الربيع. ثم برواية تلميذ التلميذ. إن وجدت، وهكذا إلى آخر سلسلة رواة الكتاب
الصفحة 37
47