كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 1)

قوله: «يتم علي إن لم يفضل» مثل قوله:
* ودمع ينفد الحب أجمعا (1) *
ومثل قوله أيضاً:
سارت مقدمة الدموع وخلفت ... حرقاً توقد في الحشا ما ترحل (2)
إن الفراق كما علمت فخلني ... ومدامعاً تسع الفراق وتفضل
قال: «سارت مقدمة الدموع وخلفت حرقاً» ثم قال: «فخلني ومدامعاً تسع الفراق وتفضل» ومقدمة الشيء ليس هو الشيء بأسره، إنما مقدمة الجيش: ما يتقدمه من جملته، ويبقى سائره متأخراً، فقال: «رحلت مقدمة الدموع»، يعني يوم المفارقة، ثم قال: «فخلني ومدامعاً» يريد جملة الدمع المتأخر الذي هو مقرون بالحرق المقيمة التي ذكرها.
وقال في نحوه أيضاً:
خلياه ووقفة في الرسوم ... يخل من بعض بثه المكتوم (3)
ودعاه لا تسعداه بدمع ... حسبه فيض دمعه المسجوم
سفه منكما وإفراط لوم ... أن تلوما في الحب غير مليم
وقال في نحوه أيضاً:
إن تلك الطلول من وهبينا ... أحزنت خالياً، وزادت حزينا (4)
فاتركاني فما أطيع عذولاً ... واخذلاني فما أريد معينا
وقال أيضاً:
ومن الجهالة أن تعنف باكياً ... وقف الغليل به على مجهولها (5)

الصفحة 557