كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري (اسم الجزء: 1)

قال البحتري:
يسل المنازل عنهم وعلى اللوى ... دمن دوارس إن تسل لا تخبر (1)
ومن السفاهة أن تظل مكفكفاً ... دمعاً على طلل تأبد مقفر
وقال البحتري:
ما بكينا على زرود ولـ ... ـكنا بكينا أيامنا في زرود (2)
وهذا حسن، وأحسن منه وأحلى وأعذب قول كثير:
وما رباع الدار يا أم مالك ... ولا بالطلول الدارسات أهيم
هي الدار وحشاً غير أن قد يحلها ... ويغنى بها شخص علي كريم
... وقال البحتري:
لا تقف بي على الديار فإني ... لست من أربع ورسم محيل (3)
في بكاء على الأحبة شغل ... لأخي الحب عن بكاء الطلول
وهذا مذهب قد تقدم الناس أيضاً فيه، إلا أن البكاء على الديار هو المذهب الأقدم، والأعم الأشهر، قال امرؤ القيس:
* قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل *
فجعل البكاء للحبيب والمنزل جميعاً، والرواة تزعم أن هذا البيت أحسن ابتداءات العرب وأبرعها وأجمعها لعدة معان في لفظ قليل، واتبعته الشعراء على هذا، وأكثروا فيه القول.

الصفحة 565