كتاب مجلة «الزهور» المصرية (اسم الجزء: 1)

الشفتين حسن الشاربين، دقيق أسلة اللسان رقيق لحمته، قليل شعر اللحية لطيف الأطراف من يدين ورجلين ناعم ملمس البشرة.
4 ً - أخلاقه - قد سبقنا فقلنا أنه كان متديناً إلا أنه كان متعصباً غاية التعصب، وكان إذا جلس في مجلس لا يرفع صوته بل يغض منه وإذا مشى في الطريق لا يلتفت إلى هنا وهناك، بل سار سيراً متئداً غضيض الطرف. وكان طلق اللسان حسن المحادثة طيب
الأخلاق ولاسيما مع أخوانه في المذهب، واسع الحفظ يروي شيئاً لا يقدر من شعر الجاهلية والمخضرمين وصدر الإسلام. وكان يحفظ من النكات أغربها، ومن اللطائف أوقعها في النفس وكانت محاضراته مفيدة جداً، لا يصاحبه أحد إلا وقد استفاد منه فائدة علمية أو أدبية أو شعرية. وكان لا يحتمل تقريظ شاعر بحضوره وإذا سمع شيئاً امتعض من المقرظ امتعاضاً لا يوصف بل وربما عاداه أو قال فيه أبيات هجو وعرّض بع تعريضات لا تليق برجل أديب فاضل راوي أحاديث مثله.
5 ً - نبوغه وبعض مقاطيع من شعره - لما نشأ صالح يتيماً ولم يكن ذا ثروة تذكر، اتخذ الشعر وسيلة للاسترزاق فنجح بل أفلح. وكان أول أمره أنه كان يفد على أعراب خزاعة وكان فيهم يومئذ أدباء أجلاء يقدرون الأدب وأصحابه كل القدر. ووجد في أسرة شيوخها يداً ندية تنضح بسائل بل بجامد ناضر هو النضار، فزاد في ترطيب لسانه وحل ما تعقد منه. وأفادته وفادته حتى قادته إلى أن يكون من القادة بين قالة الشعر. وأخذ يتردد إلى كبراء بغداد ووزرائها الأعلام وعظماء أشرافها الكرام، حتى ذاع

الصفحة 521