كتاب مجلة «الزهور» المصرية (اسم الجزء: 1)

المراسلات السامية
وعدنا القراء في الجزء الفائت بإتحافهم بالمراسلة الشعرية التي دارت بين أميرين من أمراء القريض، المرحوم محمود سامي باشا البارودي والأمير شكيب أرسلان اللبناني. وهي قصائد غراء لم يسبق نشرها قبل الآن، تكاتب بها الشاعران أيام كان البارودي منفياً في جزيرة سيلان - كما سيجيء في ترجمته التي سننشرها قريباً. وكان سعادة الأمير الأرسلاني قد استشهد في بعض كتاباته أولاً وثانياً بأبيات للبارودي، وذلك على غير معرفة شخصية بينهما فكتب محمود باشا إلى الأمير بالمقطوعة الآتية:
أشدت بذكرى بادئاً ومعقباً ... وأمسكت لم أهمس ولم أتكلم
وما ذاك ضناً بالوداد على امرئ ... حباني به لكن تهيبت مقدمي
فأما وقد حق الجزاء فلم أكن ... لأنطق إلا بالثناء المنمنم
فكيف أذود الفضل عن مستقره ... وأنكر ضوء الشمس بعد توسم
وأنت الذي نوهت باسم ورشتني ... بقول سرى عني قناع التوهم
لك السبق دوني في الفضيلة فاشتمل ... بحليتها فالفضل للمتقدم
ودونكما يا ابن الكرام حبيرة ... من النظم سداها بمدح العلا فمي
فأجابه الأمير بما يأتي:
لك الله من عان بشكر منمنم ... لتقدير حق من علاك محتم
وشهم أبي النفس أضحى يرى يداً ... تذكر فضل أو جميل لمنعم
رأى كرماً مني تذكر قوله ... فدل على أعلى خلالاً وأكرم
ولو كان يدري فاضل قدر نفسه ... رأى ذكره فرضاً على كل مسلم

الصفحة 543