كتاب نثل النبال بمعجم الرجال (اسم الجزء: 1)

في أعلَى درجات الصِّحَّةِ.
* ومن الغَرِيب أيضًا أنَّ هؤُلاء الذين حَملُوا على أبي هُريرَة، على عِلمِ كثيرٍ منهم بالسُّنَّة وسعة اطِّلاعِهِم -رحمهم الله-، غَفلُوا، أو تغافَلُوا، عن أْنَّ أبا هُريرَة لم يَنفَرِد بروايتِه.
* بل رواه أبُوسعيدٍ الخُدرِيُّ أيضًا، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، عند أحمد في "المُسنَد" (11207, 11666)، والنَّسائيِّ (2/ 193)، وابن ماجَهْ (2/ 185)، والبَيهقِيِّ (1/ 253)، بأسانيدَ صِحاحٍ.
* ورواه أنَسُ بن مالكٍ أيضًا، كما ذكرَهُ الهيثَمِيُّ في "مَجمَع الزَّوائد" (5/ 38)، وقال:"رواه البَزَّار، ورجالُه رجالُ الصَّحيح، ورواه الطَّبَرانِيُّ في الأوسط"، وذكره الحافظُ في "الفتح" (10/ 213)،وقال: "أخرَجَهُ البَزارُ، ورجالُهُ ثقاتٌ".
*فأبُو هُريرَة لم ينفَرِد برواية هذا الحديثِ عن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -،ولكنَّه انفَرَد بالحَمل عليه مِنهُم, بما غَفَلُوا أنَّه رواه اثنان غيرُه من الصَّحابة.
*والحقُّ، أنَّه لم يُعجِبهُم هذا الحديثُ، لِما وَقَر في نُفوسِهم من أنَّهُ يُنافي المُكشَفاتِ الحديثةَ، من المِكرُوباتِ وغيرِها.
*وعَصَمَهُم إيمانُهم عن أن يَجرَؤُا على المقام الأسمَى، فاستَضعَفُوا أبا هُريرَة.
*والحقُّ أيضًا، أنَهُم آمَنُوا بهذه المُكتشَفاتِ الحديثةِ أكثرَ مِن إيمانهم بالغَيب، ولكنَّهم لا يُصَرِّحُون! ثُمَّ اختَطُّوا لأنفُسِهم خُطَّةً عجيبةً: أن يُقَدِّمُوها على كلِّ شيءٍ، وأن يُؤَوِّلُوا القرآنَ بما يُخرِجُه عن معنى الكلام العربيِّ، إذا ما خالف ما يُسمُّونَه" الحقائقَ العِلميَّةَ"! وأن يَرُدُّوا من السُّنَّة الصَّحيحة ما يظُنُون أنَّه يُخالِف حقائِقَهُم هذه! افتراءً على الله، وحُبَّا في التَّجديد!
* بل إنَّ مِنهُم لَمَن يُؤمِنُ ببعض خُرافات الأُوربِّيَّين، ويُنكِر حقائقَ الإِسلامِ،

الصفحة 194