كتاب نثل النبال بمعجم الرجال (اسم الجزء: 1)

أو يتأوَّلُها. فمِنهُم من يُؤمِن بخُرافَات استحضار الأروَاح، وُينكِرُ وجُودَ الملائكة والجِنِّ بالتأوُّل العَصرِيِّ الحديث. ومِنهُم من يُؤمِن بأساطير القُدماء، وما يُنسَب إلى "القِدِّيسين والقِدِّيسَات"! ثُمَّ يُنكِر مُعجزاتِ رسولِ الله -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- كُلَّها، ويتأوَّل ما ورد في الكتابِ والسُّنَّة من مُعجِزات الأنيياء السَّابِقين, يُخرِجُونها عن معنى الإعجاز كُلِّه!! وهكذا وهكَذا. . .
*وفي عَصرِنا هذا صديقٌ لنا، كاتبٌ قديرٌ، أديبٌ جيِّدُ الأداء، واسعُ الاطِّلاع، كُنَّا نُعجَب بقَلَمِه وعِلمِه واطِّلاعِه. ثُمَّ بدت منه هنَاتٌ وَهَنَاتٌ، على صفحات الجَرائد والمَجَلات، في الطَّعن على السُّنَّة، والإِزراءِ برُواتِها، من الصَّحابة فمَن بَعدَهم. يَستَمسِكُ بكلماتٍ للمتقدِّمِين في أسانيدَ مُعيَّنةٍ, يجعَلُها -كما يصنع المُستَشرِقُون- قواعد عامَّةٌ، يُوسِّعُ من مداها، وَيخرُج بها عن حَدِّها الذي أراده قائِلُوها. وكانت بينَنا في ذلك مُساجَلاتٌ شفويَّةٌ، ومُكاتَباتٌ خاصَّةٌ؛ حرصًا مِنِّي على دينه وعلى عقِيدَتِه. ثُمَّ كَتَب في إحدى المَجلات -منذ أكثرَ مِن عامَين- كلمةً، على طريقَتِه التي ازدادَ فيها إمعانًا وغُلُوًّا.
* فكتبتُ له كتابًا طويلًا، في شهر جُمادى الأوَّل سنة 1370، كان ممَّا قُلتُ له فيه، مِن غير أن أسَمِّيه هنا، أو أُسَمِّي المَجلَّة التي كتَب فيها، قُلتُ له:
* وقد قرأتُ لك، منذُ أُسبُوعَين تقريبًا، كلمةٌ في مجلَّةِ. . . لم تدَع فيها ما وَقَر في قَلبِك من الطَّعن على الرِّوايات الصَّحِيحة. ولستُ أَزعُمُ أنِّي أستطيعُ إِقناعَك، أو أرضَى إحراجَكَ بالإقلاع عمَّا أنتَ فيه.
*وليتَكَ -يا أخي! - دَرَستَ عُلومَ الحديثِ وطُرُقَ رِوايَتِه، دراسةً وافيةً، غير مُتأَثِّرٍ بسخافاتِ فُلانٍ، وأمثالِهِ ممَّن قلَّدَهُم وممَّن قلَّدُوه. فأنتَ تبحَثُ وتُنقِّبُ على ضَوءِ شيءٍ استقرَّ في قلبك من قبلُ، لا بحثًا حُرًّا خاليًا من الهَوَى.
* وثَقْ أنِّي لك ناصحٌ مخلصٌ أمينٌ. لا يهُمُّني ولا يُغضِبُني أن تقُولَ في السُّنَّة

الصفحة 195