كتاب نثل النبال بمعجم الرجال (اسم الجزء: 1)

إثباته من الإعراض عن هذه الشريعة" (!). أما الدليل من المعقول: فمن عشرة أوجه:

الأول: أن الذي أثبت حياته يقول: إنه ولد آدم لصلبه.
وهذا فاسدٌ لوجهين: أحدهما: أن يكون عمره الآن ستة آلاف سنة، فيما ذكر في كتاب يوحنا المؤرخ ومثل هذا بعيد في العادات أن يقع في حق البشر.
الثاني: أنه لو كان ولده لصلبه، أو الرابع من ولد ولده -كما زعموا- وأنه كان وزير ذي القرنين، فإن تلك الخلقة ليست على خلقتنا، بل مفرط في الطول والعرض، وفي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة -رَضِيَ الله عَنْهُ-، مرفوعًا: "خلق آدم طوله ستون ذراعًا، فلم يزل الخلق ينقص بعده".
وما ذكر أحدٌ ممن رأى الخضر أنه رآه على خلقة عظيمة، وهو من أقدم الناس.

الثاني: أنه لو كان قبل نوح لركب معه في السفينة، ولم ينقل هذا أحد.

الثالث: أنه قد اتفق العلماء أن نوحًا لما نزل من السفينة، مات من كان معه، ثم مات نسلهم، ولم يبق غير نسل نوح. والدليل على هذا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77)} [الصافات: 77] وهذا يبطل قول من قال: إنه كان قبل نوح.

الرابع: أن هذا لو كان صحيحًا أن بشرًا من بني آدم يعيش من حين يولد إلى آخر الدهر، ومولده قبل نوح، لكان هذا من أعظم الآيات والعجائب، وكان خبره في القرآن مذكورًا في غير موضع؛ لأنه من أعظم آيات الربوبية. وقد ذكر الله سبحانه وتعالي من أحياه ألف سنة إلا خمسين عامًا وجعله آية. فكيف بمن أحياه إلى آخر الدهر؟!.
ولهذا قال بعض أهل العلم: "ما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان".

الخامس: أن القول بحياة الخضر قولٌ على اللهِ بلا علم وذلك حرام بنص

الصفحة 554