كتاب نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد (اسم الجزء: المقدمة)

- د -

أَلْفَاظٍ كَأَنَّهَا قِطَعُ التِّبْرِ إِلا أَنَّهَا الشَّمَعُ طَوَاعِيَة وَلَيَانًا، وَمَعَانٍ كَأَنَّهَا أُخَذ السِّحْر إِلا أَنَّهَا الصُّبْحُ وُضُوحًا وَبَيَانًا، بَلْ يَتَمَثَّلُ بَيْنَ يَدَيْهِ رِيَاضًا مُدَبَّجَة الأَزْهَار وَجِنَانًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ قَدْ صَاحَتْ بَلابِل الْفَصَاحَةِ عَلَى أَفْنَان خَمَائِلهَا الضَّافِيَة الظِّلال، وَلاحَتْ وُجُوهُ الْمَلاحَةِ فِي غُدْرَان مَنَاهِلهَا الصَّافِيَة الزُّلال وَفَاغَمَتْ نَسَمَاتُ مَعَانِيهَا الْعَذْبَة ثُغُورَ فَوَاغِي أَلْفَاظهَا الْعَبْهَرِيَّة فَابْتَسَمَتْ عَنْ بِيض ل آلِئ رَطْبَة تُزْرِي بِحَبَائِك الْفَرَائِد الدُّرِّيَّة بَلْ بِحُبُك الْفَرَاقِد الدِّرِّيَّة.
وَإِنَّمَا الْفَضْلُ فِي ذَلِكَ كُلّه لِلُّغَةِ إِذْ هِيَ الْقَالَب الَّذِي بِهِ تَلْبَسُ الْمَعَانِي أَشْكَالهَا وَاللِّبَاس الَّذِي تَسْتَوْفِي بِهِ زِينَتهَا وَجَمَالهَا، وَقَدْ كَانُوا هُمْ الْمَالِكِينَ لأَعْنَاقِهَا الْمُتَصَرِّفِينَ فِي وَضْعِهَا وَاشْتِقَاقِهَا يُقَلِّبُونَهَا عَلَى وُجُوه شَتَّى مِنْ الاسْتِعَارَةِ وَالْكِنَايَةِ وَسَائِر فُنُونِ الْمَجَازِ بِحَيْثُ تَجِدُ لِلْمَعْنَى الْوَاحِدِ عِدَّة قَوَالِبَ تَتَرَاوَحُ بَيْنَ الإِطْنَابِ وَالإِيجَازِ إِلَى حَدٍّ يَسِمُ غَيْرهَا مِنْ اللُّغَاتِ بِطَابَعِ الإِعْجَازِ.

الصفحة 5