ومن تتبع تاريخ النظم والشرائع يستبين أن أي نظام في الحياة منذ بدأت وكان لها تاريخ لم يقم طفرة ولم يتكون جملة على نحو متماسك بل لابد أن يمر بجميع الادوار التي يمر بها كل كائن ذي حياة حتى يصل إلى غايته من النضج وهكذا شأن تحت ظل قواعد كلية وأصول عامة بوحي من الله تعالى وتلك القواعد والاصول قد الحتواها القرآن الكريم وسنة وسوله صلى الله عليه وآله التشريعية قولا وعملا و تقريرا. ثم جاء دور البناء على تلك الاصول والاسس ثم جاء دور النضج واستكمال مقوماته والارتفاع به على يد طائفة من الائفة المجتهدين المخلصين الذين كان لهم صدق في القول والفعل فوصلوا به إلى غايته. وتنحصر هذه الادوار فيما يأتي: - أولا: التشريع في عهد النبي الخاتم صلى الله عليه وآله لقد جاء الاسلام إلى كافة لكنه بدأ بإصلاح شأن العرب الذين اختارهم. الله لنصرة دينه ودعاء إليه وكان حال العرب آنذاك قائما على الوثنية في الدين والفوضى في نظان المجتمع فكان لابد من خلاصهم من هذه الفوضى واستخلاصهم لنصرة سبحانه وتعالى ويوجهم نحو إخلاص العبادة له تعالى ويمحو من بينهم العادات المستخبثة ويطبعهم على غرار حسن من الاخلاق الفاضلة والنوايا الكريمة، وبأن يصح لهم نظاما حكما يتناول كل شؤونهم ليسيروا على هدية في نواحي الحياة المختلفة ولقد اتجه الاسلام في أول أمره إلى إصلاح القيده فإنها القاعدة التي بنى عليها ما عداه حتى إذا تم له الغرض الاول أخذ فيما يليه من وضع نظم الحياة فشرع لهم الاحكام التي تتناول شؤونهم وتفصل بحياة الفرد والجماعة في كل ناحية من نواحيها في العبادات والمعاملات والجهاد والجنايات والمواريث والوصايا والزواج والطلاق والايمان النذور والقضاء ومتعلقاته وكل مسائل الفقة الاسلامي. وطريقة التشريع في هذا العصر كانت سائرة على نهج واحد لان السلطة التشريعية كانت للنبي صلى الله عليه وآله وحده دون أن يتدخل فيها أحد سواه وأن المرجع الاساسي له صلى الله عليه وآله كان الوحي بقسميه المتلو وهو القرآن وغيره المتلو وغير المتلو وهو السنة.