قال الله تعالى * (وما ينطق عن الهوى طن هو إلا وحى يوحى) *. فلم يكن ثمة خلاف لان المصدر الالهي قد أفاض بالنور على الامة البشرية. ثم يأتي الدور الثاني وهو بعد التقاء النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الاعلى وهو ما يسمى عند البحاحثين بالتشريع في عهد الخلفاء الراشدين فلما توفى الحيبب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله تاركا وراءه أصحابه رضي الله عنهم الذين رأوه وحفظوا كلامه وشاهدوا أفعاله فلم يترك لهم فقها مدونا إنما ترك لهم جملة من الاصول والتشريعات كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله سواء كانت أقوال أو أفعال أو تقريرات وكان هذا كفاية لهم في شؤونهم آنذاك ولكن لما استعت رقعة الاسلام وامتد سلطانه إلى أمم إلى تنظيم ذلك وتقعيده سواء في هذا أمور الدين أو أمور الدنيا فبدأ الفقه حينئذ يتطور وأخذ يخطو الصحابة للاحكام في ذلك العصر. قال: كان أبو بكر رضي الله عنه إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي به بينهم قضى وإن لم يجد في الكتاب وعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة قضى بها فإن أعياه خرج فسأل المسلمين أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر فيه عن رسول الله صلى عليه وسلم فضاء فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشار هم فإن أجمع رأيهم على شئ قضى به. وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فكان اعتماد هم في فتاوا هم على الكتاب والسنة والاجماع والقياس (1). وبعد عصر الخلفاء الراشدين وكبار أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أوائل القرن الثاني من هجرة سيد الانام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.