كتاب الصفدية (اسم الجزء: 1)

والبيت والإنسان والدائم والعشرة والألف ونحو ذلك فإنه إذا اجتمعت هذه الأجزاء حصل باجتماعهما حكم لا توصف به الأجزاء والمقصود هنا التنبيه على مبدأ ضلال هؤلاء الملاحدة وأن من جملته تقصير من جادلهم عن نصر الحق ودخوله في نوع من الباطل إما في باطل وافقوه عليه وجعلوه حجة لهم عليه في مكان آخر كنفي الصفات وإما من باطل نازعوه فيه وبينوا بطلانه كترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح وإما تقصيره في الحق تارة يقصر في معرفة ما جاءت به الرسل وتارة يقصر في إقامة الحجة على منازعه فتقصيره في تصور الحق وبيان الحجة على التصديق به مما سلط أولئك الملحدين
لكن بكل حال حجة الملاحدة أدحض وقولهم أضعف فأنهم أنكروا على هؤلاء إحداث حوادث بدون سبب حادث من قادر مختار لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح والحدوث بلا سبب وأنكروا عليهم كونهم عطلوا الصانع عن الصنع في الأزل
وهم قد عطلوا الصانع عن صفات الكمال بل وعطلوه في الحقيقة عن الفعل وعطلوا الحوادث عن محدث لها بل عطلوا العالم عن الصانع فإنهم لم يثبتوا إلا وجودا مطلقا مجردا لا يكون إلا في الأذهان لا في الأعيان وجعلوا الحوادث تحدث بلا فاعل يوجب حدوثها وغايتهم أنهم يجعلون الفلك حيوانا يحدث تصوره وإرادته وحركاته وذلك هو سبب حدوث الحوادث والرب تعالى لم يحدث شيئا من ذلك، لكنهم يقولون هو علة تامة في الأزل للعالم بما فيه من الأجناس المختلفة والأمور الحادثة مع العلم الضروري بعد

الصفحة 278