كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

أو غيره واها: كلمة تقال اما للتعجب من الشي ء أو للتلهّف والحسرة- الكثبان:
جمع كثيب، وهو التل من الرمل، والسجع: شدو الطير وغناؤه- قطف: بكسر القاف بمعنى مقطوف.
الشرح:
يخاطب المؤلف بهذه الأبيات المحب الذي لا يرعى شروط المحبة ولا يعرف قدر محبوبه، فهو مع ما يكابده من الوجد والشوق قد هانت عليه نفسه فلم يعطها حظها من وصل محبوبها لأنه باعه طائعا بأبخس الأثمان، أعني بالصد والتعذيب والهجران، وذلك لجهله بوصف ذلك المبيع وقدره وما يستحقه من غالي الأثمان. ثم يلتفت الشيخ متحسرا على ذلك القلب الهائم الذي استبد به الهيام، فطيره لا يفارق تلك الأغصان القائمة على كثبانها، ويديم الشدو والغناء فوقها، ومع ذلك فهو محروم من ثمارها وقطوفها على حين يستمتع بها غيره ممن واتاهم الحظ بوصال ذلك المحبوب، وهو كذلك يبيت ليله شاكيا باكيا يندب حظه ويتجرع قسوة الحرمان، على حين يبيت ذو الوصل ضاحكا نشوان.
و لكنه مع كل هذا الحرمان والعذاب في الحب فهو لا يسلو ولا يزال مفتونا بالجمال، حتى أنه لو وجده معلقا بالثريا لما قعد عن الطيران إليه.
للّه زائرة بليل لم تخف ... عسس الأمير ومرصد السجان
قطعت بلاد الشام ثم تيممت ... من أرض طيبة مطلع الإيمان
وأتت على وادي العقيق فجاوزت ... ميقاته حلا بلا نكران
وأتت على وادي الأراك ولم يكن ... قصدا لها فألا بأن ستراني
وأنت على عرفات ثم محسر ... ومنى فكم نحرته من قربان
وأتت على الجمرات ثم تيممت ... ذات الستور وربة الأركان
هذا وما طافت ولا استلمت ولا ... رمت الجمار ولا سعت لقران
المفردات:
العسس: في الأصل مصدر عس إذا طاف بالليل: يحرس الناس ويكشف أهل الريبة، المراد به هنا جماعة الحراس، المرصد: مكان الرصد.

الصفحة 18