كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

واللّه لو أن الدليل مكانها ... ما كان ذلك منه في امكان
هذا ولو سارت مسير الريح ما ... وصلت به ليلا إلى نعمان
سارت وكان دليلها في سيرها ... سعد السعود وليس بالدبران
وردت جفار الدمع وهي غزيرة ... فلذاك ما احتاجت ورود الضان
وعلت على مين الهوى وتزودت ... ذكر الحبيب ووصلة المتداني
المفردات:
الصفا: هو الجبل المعروف، المحث: اسم فاعل من أحثه على كذا بمعنى نشطه، ومفعوله محذوف أي المحث راحلته، العاني: الأسير، الخفقان الاضطراب ومنه خفق الطائر بجناحيه، نعمان: اسم مكان ويقال له نعمان الأراك، وسعد السعود والدبران نجمان يكنى بهما عن الاقبال والادبار. جفار: جمع جفر وهي البئر الواسعة، المين: الكذب.
الشرح:
يقول الشيخ: ان تلك الحسناء في رحلتها المباركة الطويلة صعدت على أعلى الصفا، وأنها قصدت هناك دارا للمحث مطاياه، المكبل بقيود هواه، ولعله يقصد بها دار الأرقم بن أبي الأرقم التي كانت أول مدرسة في الاسلام يجتمع فيها النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بأصحابه يقرئهم القرآن ويعلمهم عقائد الايمان، ثم يعجب الشيخ لشأن تلك الزائرة كيف كانت تسير في هذه المتاهات بلا دليل وبسرعة الريح، حتى أنها قد بزت الدليل في خبرتها والريح في سرعتها، وكان اهتداؤها في مسيرها بذلك النجم الميمون المسمى بسعد السعود، وليس بالدبران الذي هو علامة النجس والشؤم، وأنها وردت آبار الدمع غزارا فاكتفت بها عن كل ورد سواها، وأنها ربأت بنفسها عن كذب الهوى، وكان زادها في رحلتها ذكر الحبيب ووصله المتداني القريب.
وعدت بزورتها فأوفت بالذي ... وعدت وكان بملتقى الأجفان
لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ... خلة الستور بغير ما استئذان
قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ... بالصبر لي عن أن أراك يدان

الصفحة 20