كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

فاسمع إذا من ذا الذي أولى بفر ... عون المعطل جاحد الرحمن
وانظر إلى من قال موسى كاذب ... حين ادعى فوقية الرحمن
فمن المصائب أن فرعونيكم ... أضحى يكفر صاحب الايمان
ويقول ذاك مبدل للدين سا ... ع بالفساد وذا من البهتان
الشرح:
ومن عجائب هؤلاء الجهمية كذلك أنهم يرمون أهل الاثبات لصفة العلو وغيرها بأنهم أشباه لفرعون، فقد حكي عنه القرآن أنه كان يعتقد أن إله موسى في السماء، ولهذا قال لهامان وزيره: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً [غافر:
36، 37] ويذكرون هذا في كتبهم ويصرحون به في مجالسهم، ونحن نبين من هو أولى بفرعون المعطل الجاحد لوجود الصانع جل وعلا، ومن هو أحق أن ينسب إليه نحن أم هم؟ ان فرعون حين أخبره موسى عليه السلام بأنه رسول من رب العالمين سأله فرعون سؤال المتظاهر بالجحد والانكار: ما رب العالمين وأين هو؟ فأخبره موسى بأن إلهه الذي أرسله في السماء، فقال فرعون ما حكاه عنه القرآن: يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ [القصص: 38] ففرعون كذب موسى في قوله ان إلهه في السماء ولهذا طلب بناء الصرح ليرقى عليه ويستطلع جلية الخبر.
و هكذا أنتم أيها الجهمية أشياع لفرعون في التعطيل والانكار، اذا أخبركم أهل الحق بأن اللّه فوق خلقه مستو على عرشه قلتم حشوية كفار وخشيتم منهم ما خشيه فرعون من موسى حين قال: إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ [غافر: 26] فأنتم أشياع فرعون في الكذب والبهتان ترمون به أهل الحق والإيمان كما رمى به هو موسى بن عمران.
أن المورث ذا لهم فرعون حين رمى به المولود من عمران

الصفحة 313