كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
فهو الامام لهم وها فيهم بمتبوع يقودهم إلى النيران هو أنكر الوصفين وصف الفوق والتكليم انكارا على البهتان اذ قصده إنكار ذات الرب فالتعطيل مرقاة لذا النكران
وسواه جاء بسلم وبآلة ... وأتى بقانون على بنيان
وأتى بذاك مفكرا ومقدرا ... ورث الوليد لعابد الأوثان
وأتى إلى التعطيل من أبوابه ... لا من ظهور الدار والجدران
الشرح:
فهذا البهت الذي بهتم به أهل السنة والجماعة من قولكم حشوية ومجسمة حددوا ربهم وجعلوا له مكانا الخ، إنما ورثتموه من فرعون إمامكم في الضلال حين رمى به موسى بن عمران كليم الرحمن، فقال انه ما جاء إلا لتبديل الدين والسعي في الأرض بالفساد فهو إمامكم في الدنيا، وسيكون كذلك إماما لكم في الآخرة يقودكم إلى النار، كما قال تعالى: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ* يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ [هود: 97، 98].
و هو أنكر الوصفين جميعا، وصف الفوق ووصف التكليم، أما وصف الفوق فيما تقدم من قوله في شأن موسى وإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وأما وصف التكليم فلأنه جحد رسالة موسى وكذب بها، والرسالة انما مبناها على تكليم اللّه لمن يرسله فمن جحدها فقد جحد ما تنبني عليه من وصف التكليم، وكان قصد فرعون من الجحد لهذين الوصفين انكار ذات الرب جل شأنه، فجعل من هذا التعطيل مرقاة يثب منها إلى جحد الصانع جل وعلا وتعطيل العالم عن صانعه وإلهه، ولكنكم حين قصدتم إلى هذا التعطيل والانكار أعددتم للأمر عدته واستكملتم لآلته وبنيتم على هندسة ونظام مع تفكير وتقدير ورثتموه عن سلفكم في الجحود والانكار: الوليد بن المغيرة حين قال في القرآن بعد أن فكر وقدر ان هذا الا سحر يؤثر. ودخلتم إلى التعطيل من بابه ولم تتسوروا الجدران ولا أتيتم البيت من ظهره، لهذا راج باطلكم وجاز تلبيسكم وخداعكم على كثير لا من العامة