كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

لا يولي مناصب القضاء والافتاء إلا حنفيا، بل ولا يزال كثير من العلماء في مصر وغيرها يدينون بمذهب الأشعري في العقيدة، لأنه منذ عهد صلاح الدين كان هو المذهب الرسمي لكثير من البلاد الإسلامية، وكان أتباعه هم الذين يتولون وظائف التدريس في مدارس الحكومة، فمثل هؤلاء العلماء إنما يريدون تجارة الدنيا من الحظوة عند الحكام وإغداق الأرزاق عليهم. أما أنت يا من تريد تجارة الآخرة التي رأسمالها النجاة من غضب اللّه وناره المتسعرة، والربح فيها جنات عرضها السموات والأرض، تتمتع فيها بالحور الحسان، وأعظم من ذلك رؤية الرحمن جل جلاله، ولك فيها ما شئت من ألوان النعيم، وأنت فيها خالد مقيم لا تفنى ولا تريم، فيهيئ لتلك الدار الطيبة التي هي سلعة اللّه الغالبة ثمنا يليق بها من نقد جيد صحيح، فإنها لا تشترى بالنقد الزائف المغشوش نقدا عليه سكة النبوة وطابعها ومضروبا في المدينة أشرف البلدان ومصدر العلم والهدى والإيمان.
أ ظننت يا مغرور بائعها الذي ... يرضى بنقد ضرب جنكيز خان
منتك واللّه المحال النفس ان ... طمعت بذا وخدعت بالشيطان
ولا يذهبن بك الغرور فتظن أن بائعها جلا وعلا يرضى بالنقد الزائف ثمنا لها مثل النقود التي هي ضرب جنكيز خان قائد التتار الغشوم، فإذا أنت طمعت في ذلك أن تنالها بمثل هذه الأثمان المزورة المغشوشة فقد منتك نفسك المحال، وخدعك الشيطان بكواذب الآمال. وقوله المحال بالنصب مفعول ثان لمنتك والنفس بالرفع فاعل.
فاسمع إذا سبب الضلال ومنشأ التخليط إذ يتناظر الخصمان
يحتج باللفظ المركب عارف ... مضمونه بسياقه لبيان
واللفظ حين يساق بالتركيب محفوف به للفهم والتبيان جند ينادي عليه مثل ندائنا بإقامة وأذان

الصفحة 325