كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

لا بالنصوص نقول نحن وأنتم ... أيضا كذاك فنحن مصطلحان
الشرح:
إن النصوص من الكتاب والسنة لا تكفي في إفادة اليقين الذي لا بد منه في باب الاعتقاد، لأن دلالتها لفظية لا تفيد إلا الظن بسبب احتمالها للحقيقة والمجاز، ولهذا رأينا نحن وأنتم أن نجعل العقل أصلا نحتكم إليه في هذا الباب، وجعلنا أحكامه قطعية لا تقبل النقض، وبهذا وقع الصلح بيننا وبينكم.
فلما ذا تهيجون بيننا وبينكم نار العداوة والخصام وما بيننا إلا الوفاق والوئام؟
فذروا عداوتنا فإن وراءنا ... ذاك العدو الثقل ذي الأضغان
فهم عدوكم وهم أعداؤنا ... فجميعنا في حربهم سيان
تلك المجسمة الألى قالوا بأن ... اللّه فوق جميع ذي الأكوان
والية يصعد قولنا وفعالنا ... وإليه ترقى روح ذي الإيمان
وإليه قد عرج الرسول حقيقة ... وكذا ابن مريم مصعد الأبدان
وكذاك قالوا أنه بالذات فو ... ق العرش قدرته بكل مكان
وكذاك ينزل كل آخر ليلة ... نحو السماء فها هنا جهتان
للابتداء والانتهاء وذان للأ ... جسام اين اللّه من هذان
وكذاك قالوا أنه متكلم ... قام الكلام به فيا أخوان
أ يكون ذاك بغير حرف أم بلا ... صوت فهذا ليس في الإمكان
الشرح:
وإذا كان الأمر كذلك من الاتفاق بيننا وبينكم على خطة سواء تقوم على عزل النصوص والاستمساك بحجج العقل، فيجب أن لا يكون بيننا عداوة أصلا، وأن نكون البا واحدا في حرب هذا العدو المشترك الذي يحمل لنا كل ضغينة ويجاهرنا بالعداوة وهم هؤلاء الذين اصطلحنا نحن وأنتم على تسميتهم بالمجسمة لأنهم يثبتون الجهة للّه فيقولون: إنه بذاته فوق خلقه استمساكا بظاهر قوله: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه: 5] وأن إليه تصعد الملائكة بأقوال العباد وأفعالهم كما قال سبحانه: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ والْعَمَلُ

الصفحة 335