كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
ينسب القرآن قولا إلى كل من جبريل ومحمد عليهما السلام، ولكن باعتبار الأداء لا بمعنى الابتداء والإنشاء.
هذا الذي قلنا وأنتم أنه ... عين المحال وذاك ذو بطلان
فإذا تساعدنا جميعا أنه ... ما بيننا للّه من قرآن
إلا كبيت اللّه إضافة المخلوق لا الأوصاف للديان
فعلام هذا الحرب فيما بيننا ... مع ذا الوفاق ونحن مصطلحان
فإذا أبيتم سلمنا فتحيزوا ... لمقالة التجسيم بالإذعان
عودوا مجسمة وقولوا ديننا ال ... إثبات دين مشبه الديان
أو لا فلا منا ولا منهم وذا ... شأن المنافق إذ له وجهان
هذا يقول مجسم وخصومه ... ترميه بالتعطيل والكفران
هو قائم هو قاعد هو جاحد ... هو مثبت تلقاه ذا ألوان
يوما بتأويل يقول وتارة ... يسطو على التأويل بالنكران
الشرح:
هذا الذي يقوله المجسم من إثبات الكلام اللفظي الذي هو حروف وأصوات مسموعة، ولا تكون إلا حادثة، لأن لها ابتداء وانتهاء، هو الذي قلنا نحن وأنتم أنه عين المحال لاستلزامه مشابهة اللّه لخلقه، وكونه محلا للحوادث.
فإذا كنا قد اتفقنا نحن وأنتم على أن هذا المكتوب بين دفتي المصحف المقروء بألسنتنا المسموع بآذاننا ليس هو كلام اللّه، وأنه ليس للّه في الأرض قرآن، وأن إضافته إلى اللّه تعالى كإضافة البيت والناقة وغيرهما من الأعيان المخلوقة إليه، وليست إضافة صفة إلى موصوف، فعلام إذا تناجزوننا الحرب مع كل هذا الوفاق في معظم الأصول والقواعد الأساسية، فإذا أبيتم إلا حربنا وعداوتنا فانبذوا ما أنتم عليه مما توافقوننا فيه وانحازوا إلى مقالة التجسيم مذعنين، وكونوا مع هؤلاء المجسمة المثبتين، وقولوا رضينا بالإثبات دينا، وإلا فصرحوا بأنكم لستم منا ولا منهم، وأنكم كالشاة الحائرة بين الغنمين، شأن المنافق صاحب