كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
بين الذي يفضي إلى التجسيم أو ... لا يقتضيه بواضح البرهان
واللّه لو نشرت شيوخك كلهم ... لم يقدروا أبدا على الفرقان
الشرح:
ونحن كذلك معشر أهل السنة والجماعة، نقول لهؤلاء النفاة من الأشاعرة الذين يتأولون ما ورد من النصوص في الصفات الخبرية، ولكنهم يمنعون التأويل لما أثبتوه مما يسمونه صفات عقلية، فنقول لهم فرقوا لنا ببرهان صحيح مقبول بين ما أولتموه وبين ما منعتموه، فإن قالوا إن ما يوهم التجسيم ويفضي إلى مشابهة اللّه بخلقه أولناه، وذلك كاستواء اللّه على العرش والتكلم بالحرف والصوت والنزول إلى سماء الدنيا وإثبات اليد وغير ذلك من صفات الأجسام المحدثة التي يجب تنزيه اللّه تعالى عنها.
قلنا لهم: وأنتم أيضا وصفتموه بما يفضي إلى التجسيم والحدوث من السمع والبصر والحياة والعلم والقدرة والمشيئة والكلام النفسي، سواء كان معنى واحدا أو أكثر، فهذه كلها صفات الأجسام، ونحن لا نرى في الشاهد موصوفا بها إلا الجسم، وبذلك بطل ما ادعيتموه من الفرق بين ما أثبتموه وبين ما نفيتموه، ونحن نطالبكم أن تأتونا بدليل واضح على الفرق بين ما يفضي إلى التجسيم وبين ما لا يوجبه ويقتضيه في زعمكم، ولن تستطيعوا ذلك أبدا، ولا حتى شيوخكم لو أقامهم اللّه من قبورهم، فإنهم لا يقدرون على الإتيان بذلك الفرقان.
فصل في ذكر فرق لهم آخر وبيان بطلانه
فلذاك قال زعيمهم في نفسه ... فرقا سوى هذا الذي تريان
هذي الصفات عقولنا دلت على ... إثباتها مع ظاهر القرآن
فلذاك صناها عن التأويل فاعجب يا أخا التحقيق والعرفان
كيف اعتراف القوم أن عقولهم ... دلت على التجسيم بالبرهان