كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
و السنة دون ان يحفلوا بهما هو الذي أرث بيننا وبينهم العداوة وجعلنا خصمين في اللّه لا يلتقيان وكيف يلتقي من كان مشايعا للضلالة سفاها وجهلا، ومن كان ناصرا لمقتضى القرآن، كيف يلتقي منهجنا ومنهجهم وهما ضدان لا يجتمعان.
فنحن نأبى أن ندين بما يدينون به من الآراء الضالة والقضايا الفاسدة فهي عندنا بمعزل عن مكان القدوة والاعتبار، ولا نراها أهلا لأن نجيل فيها الأذهان والأفكار، بل كفايتنا في ذلك القرآن والآثار، فإن من لم يكتف بهما في دينه وعقيدته فلا كفاه اللّه أبدا ما يلقى من زمانه من خطوب وأرزاء، ومن لم يجد فيهما شفاء قلبه وعقله فلا برئت له علة ولا انحسم له داء، ومن لم يجد فيهما الغني كل الغنى عما عداهما ضربه اللّه بالعدم والإملاق وجعل الفقر لازما له أبد الدهر. ومن لم يجد فيهما الهدى كل الهدى، فلا ذاق طعم الهداية أبدا إلى طريق الحق والإيمان.
إن الكلام مع الكبار وليس مع ... تلك الأراذل سفلة الحيوان
أوساخ هذا الخلق بل أنتانه ... جيف الوجود أخبث الإنسان
الطالبين دماء أهل العلم ... بالكفران والعدوان والبهتان
الشاتمي أهل الحديث عداوة ... للسنة العليا مع القرآن
جعلوا مسبتهم طعام حلوقهم ... فاللّه يقطعها من الأذقان
كبرا وإعجابا وتيها زائدا ... وتجاوزا لمراتب الإنسان
لو كان هذا من وراء كفاية ... كنا حملنا راية الشكران
لكنه من خلف كل تخلف ... عن رتبة الإيمان والإحسان
الشرح:
إن كلامنا ومناظراتنا في قضايا العقيدة الكبرى إنما نتوجه بها إلى رؤساء القوم والمتصدرين منهم لنصرة هذه المذاهب الباطلة، ولسنا نعني بها أولئك الأخساء الأرذال الذين هم شر الدواب الصم البكم الذين لا يعقلون، بل هم أقذار هذا الوجود وجيفة وأخباثه، فقد انطوت نفوسهم على الحقد القاتل