كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

كما يقول الجهم، ولكن تغييرها وتبديلها في الكيفية مع بقاء الذوات والأعيان، قال تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ [إبراهيم: 48].
و في الصحيحين عن سهل بن سعد «أن الناس يحشرون يوم القيامة على أرض عفراء بيضاء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد» وقيل تصير خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما في الحديث.
و عن علي رضي اللّه عنه «تكون الأرض فضة والسموات ذهبا» وقيل تصير الأرض جنانا، إلى غير ذلك من الأقوال التي لا تدل إلا على تبدل الأرض في الكيفية لا على انعدامها بالكلية، وهذا كتبديل جلود أهل النار إذا نضجت من حر النار، فالمقصود أن اللّه يجددها ويحيي أعصاب الحس المنبثة فيها ليكمل ذوقهم للألم واحساسهم بالعذاب.
و كذلك صرحت النصوص بأن اللّه يقبض الأرض والسموات بيديه كما قال تعالى: وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: 67].
و في الصحيحين عن ابن عمر رض اللّه عنهما «ان اللّه يطوي السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون؟
ثم يطوي الأرض بشماله ثم يقول: أنا المكل أين الجبارون أين المتكبرون» ومعلوم أن الطي والقبض والأخذ لا يقع إلا على شي ء موجود.
و صرحت النصوص أيضا بأن الأرض التي كنا عليها بعينها تحدث اللّه بأخبارها يوم القيامة وتشهد عنده شهادة عدل بما أحدثه الثقلان من الجن والانس فوقها، كما قال تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزلزلة: 4] فلو كانت عدما كما يقول الجهم فكيف يتأتى لها أن تحدث أو تشهد، هذا ما لا يقوله عاقل أصلا.
لكن تسوي ثم تبسط ثم تش ... هد ثم تبدل وهي ذات كيان

الصفحة 36