كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
حتى فتح عينه على مهبط الايمان ومشرق النور والعرفان. وهنالك رأى المدينة دار الهجرة قد ارتفعت أعلامها وخفقت بنودها، والتفت من حولها طلاب الهدى وجند القرآن وشاهد من عظيم الآثار التي خلفها الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وصحابته الأخيار ما لا يطيق رؤيته هؤلاء المحجوبون من خفافيش الظلام وعبدة الأوهام.
و ورد هناك نبع الشريعة صافيا لم يختلط بما يكدره من اقذاء، ورأى عنده من الكيزان ما قد يعد بنجوم السماء وقد أعدت لمن يرده ويطلب ريه من الظماء، ورأى هنالك حوض الكوثر الصافي وهو علمه صلّى اللّه عليه وسلّم الذي تركه في أمته لا زال يصب فيه ميزابان، ميزاب الكتاب الكريم والسنة المطهرة كما أن حوضه في الموقف يوم القيامة سيصب فيه ميزابان من نهر الكوثر الذي في الجنة، فمن شرب من حوض علمه الصافي في الدنيا فهو الجدير أن يرد حوضه في الآخرة، ومن صد عنه وآثر عليه هذه الموارد الآسنة فسيذاد عن حوضه ويبعد جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد، ومن المؤسف ان الناس لا يردون حوض علمه في الدنيا من الآلاف المؤلفة الا الفرد بعد الفرد ممن هداهم اللّه ووفقهم وهم الذين وردوا أكرم المناهل وأعذبها، وأما أنتم أيها المعرضون المخذولون فقد وردتم موارد العذاب المهين تبقون فيها خزايا نادمين.
فبحق من أعطاكم ذا العدل والا ... نصاف والتخصيص بالعرفان
من ذا على دين الخوارج بعد ذا ... أنتم أم الحشوي ما تريان
واللّه ما أنتم لدى الحشوي ... أهلا أن يقدمكم على عثمان
فضلا عن الفاروق والصديق فض ... لا عن رسول اللّه والقرآن
واللّه لو أبصرتم لرأيتم الحش ... وي حامل راية الايمان
وكلام رب العالمين وعبده ... في قلبه أعلى وأكبر شان
من أن يحرف عن مواضعه وأن ... يقضى له بالعزل عن إيقان
ويرى الولاية لابن سينا أو أبى ... نصر أو المولود من صفوان