كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)
فبجهدنا تأويلها والدفع في ... أكنافها دفعا لذي الصولان
ككبير قوم جاء يشهد عند ذي ... حكم يريد دفاعه بليان
فيقول قدرك فوق ذا وشهادة ... لسواك تصلح فاذهبن بأمان
وبوده لو كان شي ء غير ذا ... لكن مخافة صاحب السلطان
فلقد آتانا عن كبير فيهم ... وهو الحقير مقالة الكفران
لو كان يمكنني وليس بممكن ... لحككت من ذا المصحف العثماني
ذكر استواء الرب فوق العرش لكن ذاك ممتنع على الإنسان واللّه لو لا هيبة الإسلام والقرآن والأمراء والسلطان لأتوا بكل مصيبة ولدكدكوا الإسلام فوق قواعد الأركان الشرح:
وقالوا إذا كانت نصوص الوحيين من الكتاب والسنة لا تفيد اليقين المطلوب في باب الاعتقاد، وكانت البراهين العقلية وحدها هي التي يعول عليها في هذا الباب، فلنجد إذا في تأويل هذه النصوص بصرفها عما توهمه ظواهرها من معان مستحيلة عند العقل، ولندفع في جوانبها بما يكسر قوتها ويضعف صولتها، بأن نوقع في روع الناس أن هذه النصوص فوق ما تناله مداركنا وتتصوره أفهامنا، وذلك كرجل ذي قدر وشرف جاء يشهد في قضية من القضايا، والقاضي يريد دفع شهادته بأسلوب لا يكون فيه حرج لكرامته، فيوهمه أن قدره أعلى من أن يقف في موقف الشاهد في مثل هذه القضية، وأن شهادة من غيره تكفي، وليس غرضه من ذلك إلا دفع الحكم بموجب تلك الشهادة، ولكنه لا يستطيع التصريح بذلك مخافة بطش السلطان به فكذلك حال هؤلاء المعطلة مع نصوص الوحيين المصرحة بإثبات الصفات، يريدون دفع ما دلت عليه من ذلك فلا يستطيعونه عن طريق التكذيب والإنكار، فيلجئون إلى المراوغة بدعوى قصور الافهام عنهما. وكان بودهم لو لم تكن هذه النصوص أصلا، حتى روى عن كبير من هؤلاء، وهو عند اللّه والمؤمنين من أحقر الحقراء أنه قال مقالة الكافر العنيد والشانئ الحقود، وددت لو حككت من المصحف كل ما فيه ذكر استواء الرب على عرشه، لكن أنى له بذلك وقد حفظ اللّه كتابه