كتاب شرح القصيدة النونية = شرح الكافية الشافية - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

يبقى منه شي ء. وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما «الهباء الذي يطير من النار إذا اضطرمت يطير منه الشر فإذا وقع لم يكن شيئا» ...
و بالجملة فقد دلت النصوص على زوال الجبال من أماكنها يوم القيامة وذهابها وتسييرها ونسفها وصيرورتها هباء وكالعهن المنفوش، ومعلوم أن هذه الأحوال كلها لا تجري على معدوم.
وكذا البحار فإنها مسجورة ... قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا ... لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكورة وهذا خاسف ... وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الأفلاك تنثر كلها ... كلآلئ نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ... وتمور أيضا أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل ها ... ذا المهل أو تك وردة كدهان
الشرح:
وكذلك وردت النصوص من الكتاب العزيز بأن البحار تسجر قيل معناه تفجر، فيكون قوله تعالى: وإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ [التكوير: 6] هو في معنى قوله: وإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ [الانفطار: 3] وقيل معناه تمتلئ نارا وكلا المعنيين وارد في اللغة، يقال سجر البحر فجره، وسجر التنور أوقده، ولعل قول المؤلف رحمه اللّه قد فجرت الخ، يدل على أنه يرجح التفسير الأول.
و كذلك القمران- يعني الشمس والقمر- يأذن اللّه لهما في الالتقاء بعد أن كانت الشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر، فتكور الشمس، يعني يجمع بعضها إلى بعض، ويخسف القمر، يعني يذهب ضوءه ثم يطرحان في النار مع من عبدوهما من دون اللّه كما قال تعالى: إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الأنبياء: 98].
و كذلك تتساقط نجوم السماء وتنتثر ويذهب بريقها كما في قوله تعالى: وإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ [التكوير: 2].

الصفحة 38